X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      15/03/2025 |    (توقيت القدس)

لم ننس مفاتيح العودة، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دم الشهداء

من : قسماوي نت
نشر : 15/05/2015 - 09:22
بقلم / عباس الجمعه.....
شكّل اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره مأساة عظيمة بكل المقاييس، امتدت تفاعلاتها إلى الاستهداف المباشر للذاكرة التاريخية الفلسطينية، ومحاولة انتزاع فلسطين وهويتها من الوعي الجمعي للأجيال الصاعدة من شعبها، وتغييب إدراك فلسطين وقضيتها عن الوعي الإنساني.  واليوم وفي الذكرى  الخامس عشر من أيار ذكرى نكبة أليمة وقاسية على الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية, إنها الذكرى السابعه والستون لارتكاب أكبر جرائم القرن, جريمة اقتلاع الشعب العربي الفلسطيني من وطنه وإحلال غزاة مستعمرين مكانه بقوة القهر والإرهاب وبتزوير فاضح لوقائع وحقائق التاريخ.
رغم عنف التغيرات الإقليمية والدولية التي يشهدها العصر فإن قضية شعبنا الفلسطيني مضت من تعقيد إلى تعقيد أكبر, لا سيما في ظل ما يمارس ضد الشعب الفلسطيني هذه الأيام من حصار وتجويع عقاباً له على مواقفه الصامدة في مواجهة الة الحرب الصهيونية التي تفتك بالشجر والحجر والبشر .
ان الكيان الصهيوني الذي نجح في البقاء و الإستمرار طوال هذه الفترة, لم يأت نجاحه من فراغ, بل جاء حصيلة الإعداد والتخطيط واللذان جعلا من إسرائيل كياناً يشكل خطراً وتهديداً حقيقياً ليس على الشعب الفلسطيني وحده بل على الأمة العربية بأسرها, فالقوى الامبريالية والاستعمارية تحاول ان تجعله قوة إقليمية تتجاوز حماية مصالحها لحماية مصالح المستعمرين الآخرين في المنطقة وبما يهدد الأمن القومي العربي ويجعل هذا الكيان لاعباً ذو أهمية إستراتيجية لدى صناع القرارات الدولية.
لهذا علينا استحضار وقائع جريمة النكبة باعتبارها جرحا مفتوحا على جهات الزمن، منذ سبعة وستون عاما بعد ان تعرض الشعب لفلسطيني لعملية اقتلاع كبرى، وتحويله إلى لاجئين في بلاده وفي اماكن اللجوء والشتات، بعد احتلال أرضه وتاريخه، وتحويلهم من كينونة صريحة في الزمان والمكان إلى فائض من أشباح منفي خارج الزمان والمكان، فما زلنا نعيشها ، وما زلنا نقاوم تداعيات نتائجها،  وما زال الشعب الفلسطيني يواصل نضاله على ارض وطنه الذي لا وطن لنا سواه. 
لقد حاولوا كسر إرادة الشعب الفلسطيني وطمس هويته الوطنية ولكن لم يتمكنوا ، لا بالتشريد ولا بالمجازر ولا بتحويل الوهم إلى واقع ولا بتزوير التاريخ. لم يتمكنوا طوال سنوات من دفعنا إلى الغياب والنسيان، ومن إقصاء الحقيقة الفلسطينية عن الوعي العالمي، ولا بالخرافة ولا بصناعة حصانة أخلاقية تمنح ضحية الأمس الحق في إنتاج ضحيتها. 
اليوم، تأتي ذكرى النكبة في غمرة من خلال استمرار الشعب الفلسطيني في الدفاع كينونته، عن حقه الطبيعي في الحرية وتقرير المصير على جزء من أرض وطنه التاريخي، بعدما قدموا أكثر مما تقتضيه الشرعية الدولية من استحقاقات لجعل السلام ممكنا. وعندما اقتربت لحظة الحقيقة أفصح مفهوم السلام الإسرائيلي عن جوهره الحقيقي: استمرار الاحتلال باسم آخر، بشروط أفضل، وتكلفة أقل. 
من هنا نؤكد على اهمية استمرار المقاومة بكافة اشكالها وصولا الى انتفاضة ثالثة او رابعه باعتبارها التعبير الطبيعي لمواجهة الاحتلال الذي يتسم بأبشع أشكال الفصل العنصري، ويسعى تحت قناع عملية السلام المراوغة إلى تجريد الشعب الفلسطيني من الأرض ومصادر الحياة، وإلى عزلهم في تجمعات ديموغرافية معزولة ومحاصرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية، على أن يؤذن لهم، بعد أن يوافقوا على (إنهاء المطالب والصراع) بإطلاق اسم الدولة على أقفاصهم الواسعة. 
رغم الجراح وألآلام ما زال هذا الشعب العظيم قادر على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاض الأشجار التي يغتالها الاحتلال، مع البندقية التي حملها الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات ورفاقه عمالقة هذه الثورة وفي مقدمتهم الحكيم جورج حبش وابو العباس وطلعت يعقوب وابو احمد حلب وابو علي مصطفى وابو جهاد الوزير وابو عدنان قيس وسمير غوشه وسعيد اليوسف وفتحي الشقاقي وعبد الرحيم احمد ومحمود درويش ووزهير محسن وجهاد جبريل من مواصلة المسيرة النضالية على المستوى الدبلوماسي وعلى المستوى السياسي والنضالي حتى الاعتراف  بالحقوق الوطنية المشروعة، كما عرفتها قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها: حق العودة، والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وحق تقرير المصير في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، إذ، لا سلام مع الاحتلال، ولا سلام بين سادة وعبيد. 
وليس في وسع المجتمع الدولي أن يواصل غض الطرف عما يحدث الآن على أرض فلسطين، كما فعل في عام النكبة، فالعدوان الإسرائيلي مستمر في تدمير المجتمع الفلسطيني ومحاصرته، وفي القتل والاغتيال والاعتقال والاستيطان، بكل ما يملك من فائض قوة تدميرية ضد شعب أعزل يدافع عما تبقى من وجوده المهدد، وعما تبقى من أشجاره المعرضة للمزيد من الاقتلاع. 
إن الحرب المعلنة على الشعب الفلسطيني ليست معزولة عن مدى اهتمام العالم، فهي تعبر عن معركة بين قيم عالمية متناقضة، بين قوى تستهدف تمكين الصهيونية الكلاسيكية، ذات النزعة الكولونيالية، ونظام الفصل العنصري، من مواصلة الحياة بتعابير وشعارات جديدة، وبين قوى تصر على أولوية العدل والحق في هذا المكان من العالم. 
لذلك، نرى  دول امريكا اللاتينية دول اوروبيه وشعوبهم في المجابهة الدائرة في فلسطين اليوم، ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني، المحروم من شرط الحياة العادي والمألوف، باعتبار ذلك امتحان أيضاً لموقف أخلاقي يختبر ما لقيم الحرية والعدالة والمساواة من مصداقية وأولوية في حياة تلك الشعوب وثقافتها. 
اليوم فلسطين حزينة كما كانت يوم نكبتها وتتأرجح بين الموت والحياة بسبب تفرق شمل أبنائها الانقسام الكارثي والجغرافي وغيره ، بينما البعض ينادي باقامة امارة او دويلة غزة بهدف حرف النضال الوطني ، حيث تحول إلى أداة هدم وتخريب في الساحة الفلسطينية تعصبا وانحيازا أعمى وراء مشاريع مشبوهة ، الا ان قدرة الشعب الفلسطيني و مخزونه الكفاحي العظيم سيستمر في مواجهة العدو مغتصب الأرض ومشرد شعبنا.
شعبنا في الضفة وغزة يعاني جور الاحتلال وبطشه، ففي غزة يموت المرضى من قلة الدواء بسبب الحصار وفي الضفة يموت الأطفال وأمهاتهم بسبب حواجز الاحتلال والمداهمات،في غزة لا يجد المواطنون ما يعيدون به بناء بيوتهم ومصانعهم وغيرها وفي الضفة يفتقد المواطنون حالة الاستقرار فمن يتحمل مسؤولية هذا.
كان من المفترض على جميع الفصائل والقوى أن تنتبه للذكرى السابعه والستين للنكبة باعتبارها بداية جيل جديد قلما تجد فيه من عايش تلك النكبة وبالتالي تكون أحرص ما يكون على تقديم هدية وطنية قيمة لشعبها لا تقل عن استعادة الوحدة وهيبة المنظمة وشرعية مؤسساتها، لكن الحاصل هو ما نراه من إضافة المزيد من الألم واللوعة لهذا الشعب المنكوب عبر ازدياد شقة الخلاف وإلقاء مزيد من العقبات أمام استعادة أمله في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس .
الحزن يلف مخيمات اللجوء والشتات وخاصة في مخيمات سوريا وعلى وجه الخصوص مخيم اليرموك ، حيث ارادت عصابات تبيع مواقفها لبعضها البعض،وإن إختلفت الأسماء والمسميات ،تبدلها فقط يجري وفق المصلحة والمهمة المطلوبة منها من قبل المشغل والممول،تارة تكون داعش مطلوبة وتارة اخرى تصبح النصرة او اكناف بيت المقدس من تنفيذ ما خطط له العدو الصهيوني من خلال احتلاله وتحويل من بقي فيه الى دروع بشرية تعيش اوضاع مأساوية ومن عمليات ترويع وقتل وحشي لسكان المخيم، بهدف الغاء الدور التاريخي والوطني والرمزي للمخيم، فاليرموك هو الأكبر جغرافياً،وهو عاصمة اللجوء الفلسطيني،ورمز كفاحه ونضاله،وتمسك أهله بحق العودة،وشاهد على مأساة شعبنا وجرائم الإحتلال الصهيوني بحقه،  رغم تاكيد منظمة التحرير على عدم التدخل في الشأن السوري، وتفهم القيادة السورية للموقف الفلسطيني،والأهداف الخبيثة لدفع الفلسطينيين لكي يكونوا جزءا من هذا الصراع، وهذا يستدعي من وكالة الانروا ،العمل على توفير ممرات آمنه لإخراج الشهداء والجرحى والمصابين من المخيم،وتحديد طرق آمنه لإدخال المواد الغذائية والتموينية والطبية للمخيم.
نحن ندرك أن القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولى،وندرك أيضا بأن هناك من يريدون التخلص من هذا اللاجئ الفلسطيني الذي يؤرق مضاجعهم ليل نهار، فهناك انظمة تعمل بالتنسيق مع العدو والقوى الإستعمارية على تصفية قضية حق العودة، من خلال مشاريع سياسية مشبوهة وتصفوية، هذا الواقع يلقي بظلاله الكئيبة على كل ما يحيط بشعبنا من اوضاع مؤلمة .
ان قضايا الشعوب الكبيرة والعادلة ورغم مضي سنوات كثيرة عليها الا تضيع بالتقادم, ولن تكون نسباً منسياً بسبب تضافر قوى إقليمية ودولية على طمسها, وقضية شعبنا الفلسطيني هي قضية القضايا, إنها قضية العصر والتي لن تغيّبها المؤامرات الدولية والإقليمية, ورغم كل العراقيل والصعوبات التي تواجهنا كشعب فلسطيني , ستبقى قضية شعبنا وعدالة مطالبه سيفاُ مسلطاً على الضمير العربي والإسلامي والدولي, فلن يضيع حق وراءه مطالب .
من هنا نرى ضعف الموقف العربي الذي لعب دوراً أساسياً في تقدم و نجاح المشروع الصهيوني، نتيجة غياب سياسة واستراتيجية عربية ذات رؤية واضحة ومحددة للقدرات والإمكانات العربية تُوظف لحل التناقض الرئيسي ما بين الأمة العربية والكيان الصهيوني وبما يجنب الأمة العربية الإستهدافات الخطيرة للمشروع الصهيوني الاستعماري.
وفي ظل هذه الظروف تواجه المنطقة أعتى ارهاب من مجرمي الأرض، الذي قدموا من دول عدة بدعم من الصهيونية العالمية وإسرائيل، لضرب الإسلام الحقيقي وتشويهه وضرب المشروع القومي العربي وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية لتمرير يهودية الدولة الإسرائيلية، بينما تقف قوى المقاومة على الارض العربية كالصخرة التي تتحطم عليها المؤامرات .
من هنا نتطلع الى إعادة القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي في الحالة العربية ، وتكريس البعد القومي لقضيتنا وهو أصبح الآن ضرورة ملحة لحماية الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني، وبما يعيد للقضية الفلسطينية مركزيتها في مواجهة الاستراتيجية الكونية للحركة الصهيونيه ، وإن سياسة تقطيع أوصال الأمة وعزل قضاياها عن بعضها البعض, كانت هدفاً صهيونياً دائماً وصولاً إلى الاستفراد بالشعوب العربية وفرض الهيمنة عليها، وقضية فلسطين هي الأساس والتي عملت الصهيونية بهدف الوصول لتصفية حقوق شعب فلسطين.
ختاما : لا بد من القول لم ننس مفاتيح العودة، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دم  الشهداء الذين أكدوا باستشهادهم على وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ما دامت روح فلسطين حية فينا ،  لن ننسى ما جرى من جرائم ، وهذا يؤكد الإصرار على مواصلة السير على طريق الحرية، طريق المقاومة ستبقى شعلة النضال مستمرة حتى يحقق شعبنا حقوقه المشروعة والتاريخية وفاءً لدماء الشهداء وآلام الأسرى والمعتقلين..وحتى نرى قدسنا عاصمة أبدية لدولتنا المستقلة فلسطين.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل