(1)(2).jpg)
كل عام وأنتم بخير!!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
يحلّ عيد الفطر على الامّة العربيّة هذا العام بالتحديد بنكهة غير طبيعيّة ، فحال الشعوب العربيّة لا تحسد عليه بتاتا ،مقارنة مع واقع الشعوب والامم الاخرى ممّن يتباهى بعضها بالاختراعات العلميّة ،وأخرى بالثّورة التكنولوجيّة، أو الرقيّ الحضاري والتنمية والانتاج الصناعي.
الامّة العربيّة ،صحيح أنّها على أبواب العيد، الّا ان العيد هذا –ربما كسابقه- فيه غصّة بل غصّات في وجدان الامّة منذ سنين.لقد ابتليت الأمّة العربيّة اليوم بمجموعة من الأزمات عكّرت ولا تزال تعكّر صفو العيد فيها، ستسرق البسمة من افواه بعض الشعوب العربية والفرحة من قلوبهم. فحال عرب اليوم يتلخّص في التالي:
1.فوضى عامة: فعرب اليوم ،هم عرب الامس القريب، لم يختلفوا كثيرا عنهم، بل يبدو أنهم أكدوا على عروبتهم القديمة التي تعوّدوا عليها خلال العقود السابقة بعدما روّضوا من قبل الغرب العلماني بمساعدة بطانة من الحكّام العرب المنتفعين من عسكريين ومدنيين وحتى اميين لا يحسنون القراءة ولا الكتابة. الحاصل في الوطن العربي او بالتحديد في بعضه، لا يعدو كونه نوع من انواع اعادة تشكيل او تقسيم العالم العربي وفق حسابات اليوم او العصر، بعدما تغيّرت قواعد الّلعبة بعد أكثر من قرن من الزمان، فيه أدّت بعض الانظمة العربيّة ما أنيط بها من أدوار وعلى رأسها المحافظة على الكيان الاسرائيلي بعد ميلاده حتى يقوى عوده ويتموضع في الاقليم كباقي الدول العربيّة الاخرى.
هذه الفوضى التي أطلق عليها "الفوضى الخلّاقة" أتت على شعوب بأكملها فأوقعت مئات الاف القتلى عبر مجازر جماعيّة تقشعر لها الجلود وأعمال ارهابيّة من أنظمة عربيّة وأخرى تدّعي الثوريّة ،واصابة الالوف وتشريد الملايين من المدنيين المسالمين لا بل أيضا والقتل على الهويّة .
2.اشعال نار الفتنة الطائفيّة: لقد نجح الغرب ومن يدور في فلكهم من عرب وعجم على مستوى الانظمة أو الهيئات أو منتفعين من اثارة النعرة الطائفيّة والمذهبيّة في صفوف العرب؛ فانقسمت الامّة العربيّة الى طوائف متناحرة تغذّيها أجهزة استخباراتيّة أجنبيّة وإقليمية موجّهة ،لعلمها التام بحساسيّة ذلك ومردوداته السلبيّة على العرب. فالأمّة اليوم تعاني من ظاهرة المعسكرات الطائفيّة والعرقيّة والمذهبيّة، فهناك المعسكر الشيعي والسني والدرزي والمسيحي، وهناك في المقابل العرب والكرد وغيرهم من العرقيّات .هذه التقسيمات تعد أكبر انجاز حقّقه أعداء الأمّة في العصر الحديث ،بل أفضل وسيلة هدّامة لمقدّراتها ومشروعها الحضاري بالمجان.
3.محاولات تجفيف ما أطلق عليه "الربيع العربي" أو الثورات العربيّة: ان الحاصل على الساحة العربيّة اليوم بعيد تماما عن طموحات ومشاريع وأبجديات الربيع العربي او الثورات العربيّة التي رفعت شعارات الحريّة والعدالة الاجتماعيّة والإصلاح والتغيير.
لقد حرفوا بوصلة الثورات العربيّة التي انطلقت من عواصم دول عربيّة خالصة .هذه الثورات غدت الأن العوبة في يد مندسين ومنتفعين من عرب وأجانب همّهم الوحيد مصالحهم ومصالح بلادهم ،فأشعلوا نار الفتن والحروب الأهليّة والطائفيّة والعرقيّة خدمة لمصالحهم الاستراتيجيّة والماديّة في المنطقة.
4.ظاهرة الاقصاء السياسي: جاءت الثمرة الضارّة لظاهرة الانقلاب على الشرعيّة والقضاء على انجازات بعض الثورات العربيّة ،تبني الأنقلابيين سياسة الأقصاء السياسي، لا بل وملاحقة هؤلاء وإصدار أحكام اعدام بالجملة ضد معارضيهم رغم ما يرفعون من شعارات سلميّة تعبيرا عن مظلوميّتهم.
5.التنكّر لملف القضيّة الفلسطينيّة: غدت القضيّة الفلسطينيّة في ظل المتغيّرات الاقليميّة الحاليّة غير حاضرة في أجندة الدول العربيّة، بل العكس أصبح الكيان الاسرائيلي مرحبا به في العواصم العربيّة وفي المؤتمرات ووسائل الأعلام العربية أيضا بخاصة المرئيّة ،عدا حالات التنسيق الأمني بين تل ابيب وبعض هذه الدول سواء من دول الجوار أو الخليج.
ان الظاهر-كما يبدو- انتهاء شهر العسل الفلسطيني-العربي، وبدء مرحلة من القطيعة والجفاء بين الطرفين ،والّا لما وقف قطاع غزة ولا يزال لوحده في الميدان في وجه ألة القتل الاسرائيليّة.
6.حصار غزة: يأتي حصار غزّة اسرائيليا وعربيا لقطع الشك باليقين فيما يتعلّق بالإفلاس العربي من ناحية ، والمؤامرة المشتركة ضد تيارات اسلامية عربيّة وفلسطينيّة معيّنة من دعاة المشروع الاسلامي، وليزيل القناع عن أسباب اتّباع سياسة الاقصاء السياسي حيال البعض العربي؛ وعليه عيد مبارك ،وكل عام والعرب بخير!!!
اضف تعقيب