(1)(2).jpg)
الحراسة اللّيليّة مطلب الفلسطينيين الملح!!
الدكتور ابراهيم أبو جابر
بدا تعمّد الحكومة الاسرائيلية غضّ الطرف، بل والسكوت على جرائم المستوطنين والمتطرّفين من اليهود واضحا لكل ذي بصيرة. هذه السياسة مقصودة طبعا، بل تدخل في اطار الخطوط العريضة للحكومة الاسرائيلية المبنيّة على مواصلة الاستيطان، وتهويد الارض، واهانة الفلسطينيين لإجبارهم على القبول بالأمر الواقع أو الرحيل .
وهنا ،وما دامت معالم سياسة حكومة نتنياهو مكشوفة للجميع ،وسبق لها وأن أعلنت على الملأ خلال الحملة الانتخابية الاخيرة، فأن الكرة غدت الان في ملعب الفلسطينيين أنفسهم، وليس من الحكمة السكوت بعد كل العمليات الارهابية التي حصلت، بخاصة عقد الآمال على مفاوضات ووهم سلام لم يكن مرّة الّا مخدّرا لزيادة تغوّل الكيان الاسرائيلي في تعامله مع الارض الفلسطينيّة والانسان الفلسطيني .
أنّ الكل الفلسطيني "الضفة الغربية والداخل الفلسطيني" مطالبون بحماية أنفسهم بأنفسهم بخاصة بعد ادّعاء الاجهزة الامنية الاسرائيلية فشلها في القاء القبض على مرتكبي مجزرة عائلة دوابشة في قرية دوما/نابلس ،لا بل وأحجامها عن اخراج حركات يهودية ارهابية مثل "تدفيع الثمن ،ولاهفا، وتمرّد، وشباب التلال، ومجموعة يتصاهر" عن القانون، وتجفيف مصادر تمويلها ومعاقبة كل من يقف وراءها ماديا واعلاميا .
الحماية المطلوبة هذه، تتلّخص في تشكيل فرق حراسة ليليّة من مختلف الاطياف في كل بلد من البلدان سواء على مستوى الضفة الغربية أو الداخل الفلسطيني، لحماية الفلسطينيين ،وردع عصابات الارهابيين اليهود من الاعتداء عليهم وعلى مقدساتهم وممتلكاتهم، بل أيضا استباقا لجرائم قد يفكّر ويخطّط لها هؤلاء مستقبلا.
فرق الحراسة الليليّة هذه ،يجب أن تعمل بنظام الورديّات مثلما هو حال الحرس الوطني او الشعبي طوال الّليل، بخاصة ساعات الّليل المتأخّرة ،ترابط على مداخل البلدات العربيّة والمفارق الرئيسة فيها ،اضافة الى تسيير دوريّات متحرّكة راجلة ومحمولة ،لمراقبة أي مركبة او جماعة مشبوهة وتوقيفها وتفتيشها والتعرّف على هويّات أفرادها.
أنّ الحراسة الليليّة هذه ،أصبحت ضروريّة في ظل تزايد الاعتداءات الارهابية على الارواح والمقدسات والممتلكات المنقولة والثابتة في المجتمع الفلسطيني، على أن تتزامن مع رفع دعاوى قضائيّة ضد هذه الحركات الارهابيّة أمام القضاء الاسرائيلي، للضغط على الحكومة الاسرائيلية والدوائر المختصّة فيها لتفعيل القانون ضد منتسبي هذه الحركات، ومحاسبتهم قانونيا ،واعتبار هذه الحركات ارهابيّة خارجة عن القانون، كأجراء رادع لعناصرها ومريديها، والا فان الامور ستتدهور أكثر فأكثر، وهذا ما يتوقّعه الكثيرون ما دام موقف حكومة نتنياهو يبدي ليونة وتعاطفا مع هذه الحركات ،لأنها أصلا تخدم سياسة حكومته وما يحمل هو من ايديولوجيّة عدائيّة للفلسطينيين ،ورفضه المتواصل فكرة اقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة.
أنّ واقع الشعب الفلسطيني اليوم شبيه الى درجة كبيرة مع ما عاناه في أربعينات القرن العشرين ،فما اشبه اليوم بالأمس ، ففي أربعينات القرن الماضي كان المشهد هو نفسه الحاصل اليوم، فقد كانت اعتداءات المستوطنين الصهاينة لا حصر لها على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأرواحهم، وأهمّها تلك المجازر البشعة التي ارتكبوها ضد سكان العشرات من البلدات الفلسطينية ،حتى خلقوا جوا من الارهاب والعنف الهادف الى ترحيل سكان هذه البلدات من قراهم ومدنهم .
أنّ مخطّط هذه الحركات اليهوديّة الارهابيّة العاملة بغطاء حكومي رسمي، بدليل غضّ الطرف عن جرائمها المتكرّرة، هو نفس ما اقدمت عليه العصابات الصهيونية في أربعينات القرن الماضي، ولهذا فهي بحاجة الى لجم وردع من قبل الفلسطينيين بالأساليب والطرق المدنيّة اللازمة، دفاعا عن أرواحهم وممتلكاتهم، ما دامت الاجهزة الامنية الاسرائيلية وعلى راسها الشرطة تدّعي عجزها عن ردع هؤلاء المتطرّفين، ووضع حد لاعتداءاتهم الارهابية، وقد جاء في المثل:" ما حكّ جلدك غير ظفرك، فتولّ أنت جميع أمرك".
اضف تعقيب