7698uiouiouio.jpg)
نظريّة شيطنة الحركات الاسلاميّة !!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
غدت صفة الارهاب في هذا الزمان ملازمة للحركات والقوى الاسلامية الحيّة في العالم، فأصبحت هذه الحركات اشبه بجمل محامل الثورات والتفجيرات واعمال العنف ،وحتى الكوارث الطبيعية .
ان تعميم هذه النظرية عالميا، وقفت ولا تزال تقف خلفه دول عظمى وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية بكل ثقلها، تساعدها دول اقليمية اخرى في الشرق الاوسط والكيان الاسرائيلي بالتأكيد ،لما لهذه الكيانات من مصالح مشتركة سياسية واقتصادية وحتى استعمارية، فأمريكا هذه استفادت كثيرا من نظام العولمة فهيمنت على منظومة العلاقات الدولية بصور واساليب مختلفة، ظاهر بعضها فيه الخير، وباطنه فيه السم الزّعاف.
لقد حاولت بعض الحركات والقوى الاسلامية شرح نفسها للعالم، وبيان برامجها وسياساتها، بيانا للحقيقة ،ودفاعا عن اتباعها ومريديها لكن بدون جدوى ،لا لأنها لم تحسن تسويق نفسها، بل للحكم المسبق لدى دول الاستكبار على هذه الحركات ،فكل محاولات القوى الاسلامية لن تجدي نفعا لدى هؤلاء ممن يسيرون وفق نظرية “عنزة ولو طارت“.
جاء موقف قوى الاستكبار العالمي ومن يدور في فلكها من دول اقليمية، متوافقا مع شيطنة الحركات والقوى الاسلامية بكل توجّهاتها، في محاولة من هذه الدول التخلّص مما يطلقون عليه خطر التمدّد الاسلامي، بل وسيناريو وصول القوى الاسلامية عبر صناديق الاقتراع الى الحكم ،الامر الذي يرونه تهديدا لعروشهم ومصالحهم في المنطقة، وخطرا على الكيان الاسرائيلي المرتبط باتفاقيات دفاع مشترك مع الولايات المتحدة.
نجحت قوى الشرّ المذكورة في تأليب الراي العام العالمي على الحركات الاسلامية ،فجيّشت الجيوش، وابرمت التحالفات ،فأجهزت على بعض الاقطار العربية لإجهاض ثوراتها كالثورة المصرية والسورية، وقد كشفت ضرباتهم الجبانة في سوريا عورتهم ونواياهم البغيضة، عندما لم يفرقوا في ضرباتهم بين احد من مكوّنات القوى الفاعلة على الساحة السورية ،مما يدلّ بوضوح على نهجهم وبرنامجهم القاضي بضرب كل القوى والتيارات الاسلامية والثورية في الوطن العربي.
صحيح ان قوى الشرّ قد تمكّنت من القضاء على الشرعية في مصر، وحرفت نهج ثورات عربية اخرى كتونس وليبيا واليمن، ويحاولون حرف الثورة السورية والتآمر عليها وقد حصل ،لكنهم لن يتمكنوا من اطفاء جذوة حالة التغيير والاصلاح التي اجتاحت الوطن العربي بعد تردي الاوضاع فيه، وفقدان الامن الجماعي، والافلاس الاستراتيجي ،والتفريط بمقدّراته.
ولهذا، وان بدت الصورة غير واضحة تماما، فان الايام القادمة يبدو انها حبلى بالأحداث ،بخاصة ما نشهده من حراك شبابي فاجأ الكثيرين على مستوى العالم العربي وفلسطين. فالحكم على اخماد الثورات العربية لا يزال مبكّرا لأوانه في ظل سيرورة الشعوب، وتواصل الظلم والقهر وانتهاك حقوق الانسان العربي، فمهما وظّفت دول الشرّ من وسائل وامكانات، وغذّت من انظمة فاسدة وعملاء لها ،فلن يقف هذا كلّه امام ارادة الشعوب في حال عزمت على التغيير .
ان شيطنة الحركات والقوى الاسلامية عربيا وعالميا ،ما هي الا محاولات بائسة لتعطيل قطار التغيير الذي انطلق ،فهذه الحركات والقوى هي وقود قطار التغيير، ومن يغذّي الحراك الاصلاحي في الوطن العربي، بعدما فشلت القوى العلمانية والقبلية والليبرالية والقومية الاخرى في انقاذ الامة مما تعانيه من ازمات وفقر وبطالة وافلاس، لا لأنها لا تملك وسائل التغيير والياته ،وانما لان هؤلاء غير معنيين ابدا بالإصلاح والتغيير، كي يحافظوا على مكتسباتهم من الحكم ونهبهم لثروات بلدانهم .
ان نظرية "شيطنة" الحركات والقوى الاسلامية لن تدوم ابد الدهر، وانما ستلقي بها الشعوب العربية والقوى الشريفة والحيّة في الوطن العربي في مزبلة التاريخ، وان مبدأ "عنزة ولو طارت" تلك ستعود لعنة على كل المتآمرين على حاضر ومستقبل الامة.
اضف تعقيب