كتب مراسل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في العاصمة التركية أنقرة «مارك لوين»، تقريرًا عن أزمة القيادة في حزب العدالة والتنمية، وإعلان رئيس الوزراء «أحمد داوود أوغلو» استقالته؛ بسبب خلافات مع الرئيس «رجب طيب أردوغان».
ويقول الكاتب إن إعلان المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء الاستجابة لمطالب تركيا، مقابل التعاون في أزمة اللاجئين، ومنها السماح للمواطنين الأتراك بالسفر في منطقة «شينغن»، دون تأشيرات، لم يرفق باحتفال داخل الحكومة التركية، التي دعت إلى لقاء عاجل بين «أردوغان» و«أوغلو»، وسط حديث عن انقسام داخل الحزب.
ويضيف «لوين» أن «الاستثمار السياسي الكبير حول إلغاء التأشيرات تمت إضاعته، حيث تركزت عناوين الأخبار على الخلاف سياسي، ولم يكن التوقيت جيدًا إن لم يكن هزيمة ذاتية، وبعد اجتماع دام 90 دقيقةً، أعلن حزب العدالة والتنمية عقد اجتماع نهاية الشهر الحالي، لن يشارك فيه رئيس الوزراء الحالي، ما عنى أن رئاسته للحكومة تقترب من نهايتها إن لم تنتهِ، والسؤال ماذا يجري في أروقة السلطة التركية؟».
ويقول «لوين» إن «أردوغان كونه رئيسًا اختار رئيسًا للوزراء، اعتقد أنه مطواع، وهو الأكاديمي وقارئ الكتب أحمد داوود أوغلو، وعلى ما يبدو فقد أخطأ أردوغان في حساباته».
ويورد الكاتب أن «أوغلو» شاهد تقلبًا في مواقف الرأي العام للنظام الرئاسي، وشعر أنه سيهمش، لذلك قرر التمرد، خاصةً بعد خلافه مع «أردوغان» على سلسلة من السياسات.
وينوه «لوين» إلى أن التحرك الذي قام به الموالون لـ«أردوغان» داخل الحزب لممارسة الضغط، وإرسال رسائل تحذيرية لرئيس الوزراء، كان واضحًا، حيث ظهر في نهاية الأسبوع مقال على مدونة تحت عنوان «ملف طائر البجع» لكاتب مجهول، لكنه يعتقد أنه من الموالين لـ«أردوغان»، حيث قال إنه «سيضحي بروحه من أجل الرئيس» أي «أردوغان»، وتحدث عن الخونة، الذين يتآمرون ضد تركيا، وسمى واحدًا جديدًا وهو «أوغلو».
ويستدرك الكاتب بأنه «مع ذلك، فإن أردوغان يحكم بلدًا يعاني من أزمات عميقة: تجدد في النزاع مع حزب العمال الكردستاني، وسبع عمليات انتحارية في عام حملت الحكومة حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة مسؤوليتها، بالإضافة إلى تزايد في معدلات البطالة، وانخفاض في السياحة بنسبة 40% هذا العام، واستقطاب سياسي واسع، وانحطاط في حرية التعبير، حيث تتم السيطرة على الصحف ويعتقل الصحافيون، ولهذا نشأت معارضة داخل الحزب لم يتم التسامح معها».
وبين «لوين» أنه «وسط أزمة حزب العدالة، فإن المعارضة تعاني من التشتت، ويواجه الحزب المؤيد للأكراد (حزب الشعوب الكردية) احتمال سجن عدد من نوابه، بتهمة دعم الإرهاب، وهو ما أدى إلى نشوب شجار في البرلمان هذا الأسبوع، ويحذر قادة الحزب من إجراءات قد تؤدي إلى ردود فعل عكسية في مناطق الأكراد في جنوب البلاد بشكل سيقضي على فرص حل الأزمة الكردية.
أما الحزب العلماني حزب الشعب الجمهوري، فهو ضعيف بدرجة لا يمكنه معها استثمار مشكلات حزب العدالة والتنمية، وفي الوقت ذاته يعاني الحزب اليمني حزب الحركة الوطنية، من انقسامات حول القيادة، وفي حالة استطاعت الحركة اختيار زعيم جديد لها، وربما كانت السياسية من تيار الوسط ميرال أكسنر، فقد تستطيع مضاعفة الأصوات لإحباط خطط أردوغان، إلا أن الموالين له يعملون جهدهم لمنع حدوث هذا الأمر».
وبحسب الكاتب، فإنه في حال فشل «أردوغان» في إقناع عدد كافٍ من النواب لدعم النظام الرئاسي، فإنه قد يجبر على الدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة في الخريف المقبل؛ أملًا في إخراج حزب الشعوب الكردية والحركة الوطنية من البرلمان، إلا في حالة غيرت الأخيرة قيادتها.
ويختم «لوين» تقريره قائلًا إن ما يجري قد يكون نزاعًا حزبيًّا داخليًّا، لكن أثره أوسع من ذلك، خاصةً أن تركيا هي الدولة الـ17 من الاقتصاديات الكبرى في العالم، وتملك ثاني أكبر جيش في دول حلف الناتو، وهي دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وحليف مهم للغرب، له حدود مع سوريا والعراق، بالإضافة إلى أنها عماد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب