قالت صحيفة نيويورك تايمز، "إن النفوذ الإقليمي والدولي لمصر انحسر وتبدد"، وذلك بناء على ما استهلت به الصحيفة، في تقرير لها عن انحسار النفوذ الخارجي لمصر، بتصريح لقائد الانقلاب عبر التلفزيون الحكومي، في مايو الماضي، حذر فيه المصريين من أنهم "يعيشون في دولة محطمة يحيط بها الأعداء من كل جانب، ولن يتركوها وحدها أبدا"، وحثهم على الاهتمام بها، واصفا إياها "بشبه دولة" وليست دولة حقيقية".
وأوضحت الصحيفة- في تقرير نشرته للصحفي ليام ستاك، بعنوان "مصر كئيبة ونفوذها الدولي يذوي"- "أن مصر الآن لا تلعب أي دور في الأزمات العاصفة بالعراق وسوريا واليمن، أو الحرب ضد تنظيم الدولة، وأن إيران والسعودية تحاولان ملء الفراغ، وتتنافسان بشراسة ربما تكون مدمرة للمنطقة".
ويحاول التقرير ترسيخ- ما يتحدث به بعض العرب من مسؤولية الثورة عن الفوضى- أنه بعد خمس سنوات من الاضطراب والفوضى السياسية والاقتصادية في مصر، أصبح الإحساس بالتشاؤم والكآبة يحوم فوق هذه البلاد، وأصبحت منكفئة على ذاتها ومهمشة سياسيا بشكل لم تشهده الأجيال.
وألمح التقرير إلى أن مصر كانت تقود العالم العربي سياسيا وثقافيا، وأن نفوذا كانت تحظى به مصر، التي يقطنها ربع العرب، في عهدي الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات.
تابع سياسي
كما لفت التقرير إلى أن مصر- ومنذ أن أبرمت اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979- أصبحت نقطة ارتكاز للنفوذ الأمريكي في العالم العربي، وأن القوات المسلحة للبلدين ظلت تتعاون عقودا بشكل وثيق، وأن مصر لعبت دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين، وبين التنظيمات الفلسطينية، لكنها فقدت ذلك الدور بعد أن انحازت إلى إسرائيل ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 2014، وشاركت الولايات المتحدة في حربها ضد صدام حسين في 1991.
وأضاف أن انسحاب مصر من القضايا الإقليمية سلبها أهميتها بالنسبة لأمريكا، التي منحتها 76 مليار دولار منذ 1948 في شكل معونات خارجية.
وقال التقرير، إن قائمة طويلة من المشاكل والأزمات تواجهها البلاد، ومنها الحرب ضد تنظيم ولاية سيناء، فرع تنظيم الدولة بشبه جزيرة سيناء، والاقتصاد الذي ينتقل من أزمة إلى أخرى ويتعثر بسبب انهيار السياحة، حيث انخفض عدد السياح الآن بنسبة تقارب 60% مقارنة بيونيو الماضي، وفقا للتقارير الحكومية.
وكشفت نيويورك تايمز عن أن "قادة مصر" لا يجدون وقتا للتفكير في الشؤون الإقليمية، وتجدهم منخرطين في كل الأوقات في التفكير بالتهديدات الفورية، مثل حالة الفوضى بحدود مصر مع ليبيا، وبناء إثيوبيا سدا على النيل.
مصر مشكلة وليست حلا
ونسب التقرير إلى مدير مشروع مجموعة الأزمات الدولية بشمال إفريقيا إسكندر العمراني قوله: إن واشنطن تنظر لمصر بشكل عام حاليا بوصفها مشكلة وليست مصدرا لحلول المشاكل.
واستعرض التقرير رؤية إسكندر العمراني من "أنه لولا العلاقات العسكرية وتفضيل البنتاجون التحرك السريع عبر قناة السويس، فلن تأبه الإدارة الأمريكية كثيرا بعبد الفتاح السيسي ونظامه وبقمعه وانتهاكه لحقوق الإنسان".
وقال "العمراني": وعلى مستوى القيادة العليا، مصر فقط ليس لديها خيار أن تتردد أو تصرف التركيز على الشؤون الإقليمية"، ويركز كبار المسؤولين أكثر على التهديدات المباشرة، مثل الانفلات الأمني المجاور في ليبيا وبناء سد النيل في إثيوبيا.
وأضاف أن مصر لعبت دورا كبيرا في السنوات الماضية، وعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة "عززت دورها وراء الوزن الفعلي".
العميل المزدوج
واستعان معد التقرير بتصريح منسوب لوزير الخارجية المصري السابق بحكومة الانقلاب نبيل فهمي، قوله: إن "مصر أصبحت غارقة في مشاكلها الداخلية، ولا يلوح في الأفق ما يغير وضعها هذا".
ولفت إلى أن "علاقة مصر مع إسرائيل قوية"، لكنها برأيه "لم تفعل شيئا يذكر للرد على قائمة متزايدة من الأزمات الإقليمية".
وكعادة تقارير نيويروك تايمز، استعانت بوجه ليس بعيدا عن نبيل فهمي، وكان هو عمرو موسى، وزير الخارجية السابق والأمين العام للجامعة العربية الذي رشح نفسه للرئاسة في مصر في 2012، وتجاهل التقرير خسارته أمام الرئيس محمد مرسي، وقال لمعد التقرير: إنه يشك في أن يكون هناك "أي مغامرات خارجية"، بالنظر إلى "المشاكل الرئيسية التي نواجهها".
وأضاف أن ذلك "يجب أن يتغير"، وأن "دور مصر أمر لا بد منه"، بدعوى أنه "أمر ضروري من أجل بناء توازن مع إيران وتركيا".
واستعرض موسى قائمة طويلة من المشاكل التي تستحق المعالجة، أولها أنها في حالة حرب مع تنظيم ولاية سيناء التابع للدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، والاقتصاد ينحرف من أزمة إلى أخرى، وأنها متعثرة بسبب انهيار السياحة.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب