قراءة في مشروع فتح مركز شرطة في مدينة كفر قاسم!!!بقلم .. الدكتور ابراهيم ابو جابر
قراءة في مشروع فتح مركز شرطة في مدينة كفر قاسم!!!
هذا المقال نشربتاريخ 05-02-2014 في موقعي قسماوي-نت والمكان قبل فتح مركز البوليس،فهاجمني البعض بعنف وقسوة ،فأعاود نشره مجددا بعد جرائم القتل والعنف التي تعصف بالمدينة بعد فتح المركز، وتطبيع البلدية والمدارس مع البوليس؛ان لسان حال الجميع يصرخ عاليا قائلا للبوليس :ارحل، ارحل يا بوليس,,,,,
الدكتور ابراهيم ابو جابر
نزل مشروع فتح مركز شرطة في بلد الشهداء كالصاعقة على الكثيرين من سكان المدينة ؛الذين سبق لهم واغلقوا المركز السابق في الخمسينات على حد قول كبار السن.صحيح ان البلد تشهد في الآونة الاخيرة تزايدا في اعمال العنف واطلاق النار بهدف الاصابة,اضافة لسقوط قتلى ايضا مما لم تتمكن الشرطة حتى اليوم الكشف عن فاعليها,الا ان الامر لا يزال في اطار المعقول مقارنة مع البلدات العربية وحتى اليهودية الاخرى,فحتى على مستوى الطيبة وام الفحم ورهط التي توجد فيها مراكز للشرطة ,تشهد هي الاخرى اعمال عنف وقتل جماعي احيانا, لم تتمكن الشرطة ايضا الى يومنا هذا كشف الجناة في ملفات معينة.
اما الامر الحساس في ملف فتح مركز للشرطة في مدينة كفر قاسم ،فيتلخص في الجانب الوطني اولا ثم الاخلاقي,فالعنف الذي يتحدث الناس عنه وان أرّق الكثيرين منهم الا انه مهما بلغ لا يساوي في الميزان الوطني فتح مركز لشرطة اسرائيل في المدينة,ثم انه من الناحية الاخلاقية أي على مستوى اهل البلد ,بلد الشهداء,ليس سهلا فتح مركز للشرطة في بلد ككفر قاسم قتل من اهلها 49 شخصا في مجزرة بشعة لم يعترف بها الكيان الاسرائيلي الى اليوم.
اذن كيف يمكن التعالي على ذلك وتهميشه وتحييده وتقزيمه ،لصالح مركز شرطي قد يعود بفوائد معينة على الاهالي لا تساوي الثمن المذكور!!!
ان كفر قاسم قادرة الى درجة معينه في تخفيف اعمال العنف وفرض الامن الداخلي نسبيا ايضا,من خلال تفعيل الحراسة الليلية مثلا كما كان عليه الحال في التسعينات, واني لأقولها بكل صراحة وهذا ما علمته بعد حين من فرقة الحراسة انهم افشلوا عملية سطو,مشكورين, على بيتنا دون ان يبلغوني وقتها وهذا الامر في العام 1990.
ان من يفكّر في ان الشرطة ستفرض الامن والاستقرار 100% في البلد فهو واهم , فأعمال العنف ستستمر والقتل واطلاق النار ايضا لأنها من سنن الخلق ,فها هي ام الفحم والطيبة وغيرهما تشهد استمرارا في العنف والقتل بالجملة دون ان تتمكن الشرطة من وقف هذه الاعمال, او وضع حد نهائي لها ،وان خفّت بعض الشيء وهذا امر طبيعي.
اذن فتح مركز للشرطة اظنها مخالفة وطنية واخلاقية ,لا تليق ببلد ككفر قاسم وان علت اصوات هنا وهناك مؤيدة لذلك,فهذه الاصوات غير متزنة لا بل وحماسيّة وغير عقلانيّة مع كل الاحترام والتقدير,هي بحاجة للجلوس مع الذات وتوزين هذه الخطوة ودراستها من كل الجوانب,مع التركيز على تحييد العامل المالي او الميزانيات , ثم الابتعاد عن رمي الكرة في الملعب الاخر لان الناس ذاكرتهم قصيرة وينسون بسرعة ولا يهمهم الا الحاضر,قال تعالى: "تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون"صدق الله العظيم..
مردودات مشروع مركز الشرطة
هناك بالتأكيد بعض المردودات الايجابية لفتح مركز شرطي لكنها لا تساوي من حيث القيمة والمقدار مضارها ,كما ذكر اعلاه, واولها الجانبين الوطني والاخلاقي.فالمركز الشرطي هذا ستكون له مردودات سلبية كثيرة على اهالي البلد نذكر البعض على سبيل المثال وليس الحصر, ومن باب التذكير فقط,لاستنهاض الهمم والدفع نحو تجميد او وقف تنفيذ مشروع تعسفي كهذا في قلب بلد جريح مثل كفر قاسم.
اولا:التطبيع مع مدينة كفر قاسم واهلها والعمل على حمل الناس على نسيان احداث المجزرة,والظهور بمظهر المحب لكفرقاسم وناسها والحرص على مصلحتهم والدفع نحو استتباب الامن والامان في اوساطهم؛فافتتاح مركز للشرطة يعطي المواطن القسماوي شعورا واحاسيس داخلية على قبول الاخر والنظر اليه على انه امر طبيعي ومألوف.
ثانيا:تشجيع الشباب والفتيات ايضا للتطوّع لجهاز الشرطة تحت ذريعة خدمة اهالي كفرقاسم ،وهذا هدف اساس من اهداف شرطة الكيان الاسرائيلي,والانخراط فيما اسموها الشرطة الجماهيرية, مع العلم ان هناك من ابناء البلد سبق وتطوعوا في الشرطة ويعملون في نهاية عطلة الاسبوع في الضفة الغربية وعلى حواجز للشرطة داخلية.
ثالثا:تشجيع الخدمة المدنية او الوطنية في اوساط الشباب والفتيات ,مع العلم انه كانت هناك محاولات وتم افشالها قبل سنوات,بحجة مساعدة هؤلاء في الحصول على اماكن عمل او الالتحاق بالتعليم الاكاديمي, او الحصول على قسائم للبناء او منح دراسية وتخفيضات ضريبية.
رابعا:تجنيد واسقاط شباب وفتيات للتعامل مع اجهزة حكومية معينة من خلال اغراءات مالية او وظيفية, او ربما غير اخلاقية ,من خلال استغلال ضعف وحاجة وفاقت وظروف هؤلاء الاجتماعية والاقتصادية , لإيجاد طابور من العملاء المحليين رجالا ونساء ليكونوا عيونا على الاخرين من جيرانهم او ابناء بلدتهم.
خامسا:تنغيص حياة الناس من خلال الحواجز الطيّارة على مفارق الطرق , وداخل البلد مما سيؤدي الى حالة من عدم الرضى وربما الاحتكاك مع رجال الشرطة العاملين على هذه الحواجز,وفي التالي تحميل البلدية مسئولية ذلك,مما سيؤثر كثيرا على المشهد السياسي مستقبلا.
سادسا:فرض غرامات مالية على السائقين من الاهالي كغرامات مالية لخلل في المركبة صغر ام كبر او موضوع حزام الامان, او عدم انارة المصابيح ,او نسيانهم لرخصة القيادة او الحديث بالهاتف وغيرها كثير ولو بحق ,مما سيثقل كاهل الانسان العادي غير القادر اصلا على دفع فواتير الماء والكهرباء والارنونا؛ناهيك عما سيؤدي الامر الى حرمان الكثيرين من القيادة بسبب اما سحب رخصهم او الحجز عليها.
سابعا:قطع رزق التجار والباعة المحليين ممن لا يملكون رخصا تجارية او حتى اوراقا رسمية سارية المفعول من الحركة والبيع داخل البلد,مما سيزيد من نسبة البطالة والفقر,لا بل ومن اعمال العنف اصلا والامراض الاجتماعية والنفسية.
ثامنا:قطع رزق العمال الفلسطينيين الذين يعملون بدون تراخيص عمل في البلد وبالذات في العمار (البناء),او في التجارة كالباعة المتجولين(باعة الخضار) او ممن لهم مصالح في المنطقة تجارية وهم كثر.
تاسعا:تلطيخ سمعة بلد الشهداء اولا من خلال فتح مركز شرطي فيها ثم ما سيرافق ذلك من ظهور مكثف لرجال الشرطة في المناسبات بأنواعها ,حتى ان الامر سيصبح مستقبلا حقلا للتنافس بين المنتفعين واصحاب المصالح في دعوة رئيس المركز ومعاونيه لوجبات وولائم ومناسبات خاصة ، تقرّبا منهم وتقوية للعلاقات بين الطرفين ,بناء على عامل المصالح المشتركة.
عاشرا:خدمة مركز الشرطة في كفر قاسم للمستوطنين ,لان المركز سيقدم الخدمة لعدة مستوطنات قريبة كما نشر, وهذا في حد ذاته جريمة وعار على البلد ,لا يتساوق مع الحس الوطني ولا الاخلاقي امام الله وامام شعبنا الفلسطيني الذي يعاني المر والمرار من هؤلاء المجرمين.
حادي عشر:تشجيع النساء على التمرّد اكثر على الدين والعادات والتقاليد والمجتمع ,فقرب مركز الشرطة من البلد سيساعد كثيرا على ذلك وتحديدا تقديم نساء بلاغات ضد الازواج او اولياء الامور لأتفه الاسباب مما قد يؤدي للسجن, خاصة وان القانون الاسرائيلي كما قال احدهم:قانون نساء.
الخلاصة
هذا غيض من فيض مما قد ينتج عن مشروع اقامة مركز شرطي في كفرقاسم,وغيرها كثير مما يفضّل السكوت عنه,فهل فكّرنا قليلا, واعدنا النظر مرة اخرى, ودقّقنا اكثر, ودرسنا تجارب غيرنا, وطرحنا عامل المصلحة جانبا ,نظرنا في عيون شركائنا المخلص منهم من المنتفع,الداعم والناصح من حافر الحفر والمطبات!!
فتح مركز للشرطة وان لم يخل من بعض الجوانب الايجابية ولست منكرا لها, هل يساوي ما سلف, لا بل هل يساوي واجبنا الوطني ,او واجبنا الاخلاقي, اين هي ذاكرتنا الفلسطينية؟وان القاعدة الفقهية لتقول:"درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح", وعليه فمهما كبرت المصالح من وراء فتح مركز للشرطة ,فدرء مفاسدها اولى.والله من وراء القصد,اللهم هل بلّغت اللهم فاشهد!!
اضف تعقيب