22رمضان المبارك الذكرى الثالثة لرحيل مديرة مدرسة دار الارقم, ومربية الاجيال, الحاجة نوال محمد صرصور ام حسني رحمها الله.
22رمضان المبارك الذكرى الثالثة لرحيل مديرة مدرسة دار الارقم, ومربية الاجيال, الحاجة نوال محمد صرصور ام حسني رحمها الله.
يصادف اليوم السبت الموافق 22 رمضان المبارك الذكرى الثالثة لرحيل طيبة الذكر مديرة مدرسة دار الارقم المربية العظيمة الحاجة نوال محمد صرصور – ام حسني والتي رحلت عن انظارنا بصورة خاطفة بعد ان صامت شهر رمضان صياماً وقياماً, وبعد ان ختمت القران الكريم 19 ختمة, وقيام ليل رمضان, وسلسلة حافلة من الذكر والتسبيح والصدقات الوافرة بلا حدود, ليصطفيها الله وهي على ما عليه من صيام وصدقة واحسان, ولتتنبأ نفسياً وشعورياً بأنها سترحل خلال هذا الشهر العظيم, هذا ما جعلها على اوج الاستعداد للقاء الله بكل تفاؤل وانبساط ودون تردد من الموت.
الاحد 15 رمضان بعد صلاة العصر.
تلك لحظة مثيرة للمشاعر والاحاسيس عندما خرجت مع المرحومة بعد صلاة العصر متجهين الى مستشفى بلينسون لاجراء عملية جراحية, لتكن تلك اللحظة لحظة الفراق والاخيرة في بيتها الجديد الذي لم تسكن فيه سوى ستة شهور, حيث كانت تظهر عليها علامات الحزن والهم النفسي العميق, تعدُّ فطورها بيدها لتأخذه معها الى مستشفى بيلنسون, إذ خرجت من البيت والدموع الصامتة تصول وتجول في عينيها, كاتبةً وصيتها كاملةً لي ولزوجها السيد مجد حسني صرصور فيما لو فارقت الحياة اثر العملية وفشلها, لانها كانت تعلم مسبقاً ان العملية الجراحية صعبة للغاية, وفيها نوع من الخطورة, لذلك استعدت اتم الاستعداد للقاء الله.
خرجنا من البيت بعد صلاة العصر, وطلبت مني ان اوصلها لحماتها ام مجد لوداعها, ومن ثم الى امي, حيث حبّت على ايديهن ورؤوسهن, والدموع في وجهها والدعاء لها بالشفاء من كل حدبٍ وصوب, وكأنها تعيش لحظة الوداع والفراق بكل ثقة ويقين.
الثلاثاء 17 رمضان: وفاة الحاجة مالكة زوجة الاستاذ سيف, والحلم الذي رأته المرحومة في منامها.
مع اقتراب موعد الافطار مساء الثلاثاء الموافق 17 رمضان اتصلت بي ساعة قبل الافطار, وطلبت مني ان احضر لها بعض اجواز الصبر لان نفسها تطلب الصبر وتريد ان تتسحر قبل بداية الصيام وقبل الدخول للعملية صباحاً.
نزلت الى شجرة الصبرالقريبة من بيتي وقطفت لها دلواً كاملاً من الصبر, وقمت بتنظيفه ووضعه في الثلاجة, ومن ثم لتأكل منه بعد صلاة التراويح.
لا ادري كيف دخل هاجس الخوف والقلب والاضطراب النفسي في قلبي, لأنها تطلب الصبر قبل الوفاة, خاصة انني كنت اقطف الصبر وقد أذن المغرب, وتأخرت عن الافطار حباً وطوعاً لطلبها, وكأن هاجس الخوف يصدق بأنها سترحل حقاً.
بعد صلاة التراويح توجهت اليها الى مستشفى بليسنون, وفي يدي الصبر المثلج الذي طلبته, واخبرتني بأنها رأت في منامها حجرين متجاورين من محراب مسجد عمر بن الخطاب قد سقطت على الارض دون ان تنكسر, واخبرتني ان تفسير الحلم سينطبق حقاً, فاليوم صباحاً قد سقط الحجر الاول وهو حجر وورقة المرحومة مالكة زوجة الاستاذ سيف رحمهم الله, وربما غداً او بعده سيسقط الحجر الثاني وهي تقصد به نفسها التي سينتهي اجلها مباشرةً, والناس تنظر الى سقوط الحجرين بغرابة ودهشة وحزن, وفعلاً سقط الحجران وغادرت كلٌ منهما عالم الدنيا بفارق خمسة ايام, وكأن نبؤتها وشعورها قد حقق ذاته بصورة من التأهب والاستعداد.
الاربعاء 18 رمضان صباحاً: الدخول الى العملية الجراحية الساعة السابعة صباحاً.
قبل ان دخلت العملية صبيحة الاربعاء قضت معظم ليل الاربعاء بالصلاة والتسبيح وقراءة القران , لتدخل العملية مع صلاة ركعتين ومسك الختام بالعبادة وكانت اخر ايه قرأتها من سورة يوسف عليه السلام: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.
كانت هذه الاية الاخيرة التي تلتها, وكانت مسك ختام القران الكريم لتحظى بها وبالاستجابة لها من الله, لتبعث على ما ماتت عليه ان شاء الله.
الخميس 19 مضان – الاعلان عن فشل العملية الجراحية, وانتظار لحظة الوفاة وتعميم الخبر في البلد.
في صبيحة يوم الخميس الموافق 19 رمضان تم اعلان الاطباء بأنها في لحظة حرجة وان العملية تمت بالفشل, بعد ان مات القلب مرتين في العملية, واكد الاطباء انها خلال يومٍ والثاني ستفارق الحياة.
لقد تعمم النبأ السيء في كل انحاء البلد واماتوها قبل ان تموت, ليلتم حولها المئات من معلمات واقارب واصدقاء وصديقات وجيران, ليلقوا عليها النظرة الاخيرة, وقراءة القران على رأسها ونظرة الوداع قبل الوداع, ليشعر الناس بقيمتها ووجودها, والدعاء والابتهال الى الله عز جل لها بالدعاء والشفاء.
الجمعة 20 رمضان الساعة السادسة تلفظ الشهادة من كثرة قراءة القران عليها.
كانت دلالة الخير وحسن الختام يوم الجمعة الساعة السادسة حينما التم العشرات في غرفة الانعاش يقرءون عليها القران, لتستيقظ من سكرة الموت تنظر يميناً وشمالاً, وتقول لا اله الا الله وحده لا شريك له, ولا زال لسانها يذكر الله بصورةٍ منخفضة بعد ان قرأ عليها القران اكثر من خمس ختمات على يد الاخوات والاخوة الفاضلين.
الاحد 22 رمضان السادسة السادسة وخمس وثلاثين دقيقة , لحظة الوداع.
لقد فاضت روحها الطاهرة في تمام الساعة السادسة وخمس وثلاثين دقيقة, في اجواء روحانية رمضانية وهي صائمة الى ربها, ليعلن عن نبأ وفاتها رسمياً في كل مساجد البلد, حيث شيعت جنازتها بعد صلاة التراويح على يد المئات بل الالاف من محبيها وذويها وجيرانها واهل البلد الذين اثنوا بالمشاركة بتشييع الجنازة حباً ووفاءً واخلاصاً لها, حيث تم صلاة الجنازة على روحها الطاهرة في الشارع المحاذي للمسجد ووضع النعش على الرصيف امام بيت الحاج مصطفى الرمضان نظراً للاعداد الهائلة التي شيعت الجنازة, ولأن المسجد لم يسع لمثل هذه الاعداد. كما شاهدنا في جنازة المرحوم صهيب محمد الصوص, وجنازة المرحوم سرحان خضر عامر رحمهم الله.
تلك جنازة ذات موكب مهيب لامرأة عظيمة احبها الناس ولا زالت في قلوب البشر عالقة, خاصة الذين كان لها الفضل عليهم بالزكاة والاحسان وعلاقة الود والاحترام وحسن المجورة والخلق.
وهكذا طوى التاريخ ورقة وصفحة من صفحاته, كانت قد توقفت عند اجل ورحيل وغياب اعظم انسانة لترحل الى رب رحيم قد احبها مثلما احبها الخلق, والى حيث المأوى, تاركة ورائها اسماً وسيرةً عطرة تكللت بالعطاء والصدقات والخيرات, والاخلاق الحسنة, والبناء والاعمار وبصورة خفيّة لا يعلمها الا الله والمقربون منها, الذين ما زالت في قلوبهم دون ان يستوعبوا انها قد رحلت مثل لمح البرق.
فإلى روح رويحان, والى جنات الرضوان يا اغلى البشر, وكفاك فخراً ان كلَّ من سمع بك احبك وترحم عليك وذكرك بالخير يا ام الخير.
تحياتي وشوقي لكِ.
د. ادم محمد ابو عواد بدير – صديقك واخوك المحب
الى اللقاء –وابد الفراق
السبت, 22رمضان, الذكرى الثالثة
اضف تعقيب