.jpg)
نحتفي هذه الأيام باستقبال العام الهجريّ الجديد 1439 للهجرة النبويَّة الشَّريفة . بعد أن ودَّعنا عاماً حافلاً بالأحداث على المستوى المحلي والعالمي ، الفلسطيني ، والعربي . وكم من أزماتٍ ومآسٍ كانت حاضرةً قبل دخول العام 1438 ، ولم ترحل برحيله بل استمرت لتطرق أعتاب العام الجديد . وكم من أحلام وآمال كنَّا نؤملها منذ سنوات خلت، لكنَّنا لم نفقد الأمل في أن تتحقَّق في عامنا هذا ، هكذا هي الأعوام ، تتوالى ، وتتوارث ، وينقل السابق منها للاحق خُلاصةَ سجلّاته .
هي أعوامٌ من أعمارنا وأعمار أُمَّتنا ، نعدُّها وتعدُّنا ، نشهدها وتشهد علينا . فعلى المستوى الدَّولي : رئيسٌ جديدٌ في البيت الأبيض الأمريكي ، ثم زيارة له إلى الرّياض واجتماع مع قادة العالم الإسلامي . الكاوبوي الجديد ينجح في ابتزاز العرب بأضخم صفقة "جزية – أو خاوة " في التاريخ ، ثم يغادر المنطقة بعد أن زرع بذور الشِّقاق بين قطر ودول الحصار الأربعة ، وما تزال الأَزمة مستمرةً.
تجارب نوويّة وبالستيَّة استفزازية من جهة كوريا الشَّمالية ، أمريكا تتوعَّد ، ولكنَّها تبدي إنضباطاً ، فكوريا ليست العراق ولا أفغانستان ، وما يزال التوتُّر مستمراً ، وينتهي العام على وقع الأعاصير المدمِّرة تضرب جنوب وجنوب شرق الولايات المتحدة ، لتحصد كلّ مليارات العرب التي اغتنموها، وترغم " الكاوبويز" للتريّث في ملفَّات الصِّراعات الدَّولية .
أزمة الروهينغيا ، والتشريد والتعذيب ، وحرق القرى والنّاس أحياء ، مع ردود الفعل الفاترة من العالم العربي والإسلامي ، تنتقل من عامٍ سالفٍ الى عامٍ يحطّ الرِّحال ، ولا يبدو في الأُفق حلول جذرية للأزمة .
أمَّا على مستوى العالم العربي ، فما يزال شلّال الدَّم ، وصراعات الفُرقاء مستمرةً في سوريَّا والعراق واليمن وليبيا . أبرز أحداثها قرب انتهاء مسرحية " داعش" وتصفية الثَّورة السُّورية ، وإجراءات تقسيم العراق على قدمٍ وساقٍ ، واليمن وليبيا تنجلي فيها الصورة لأُمراء شبَّان يستخدمون البلدين كحقول تجارب وقاعات لإستعراض العضلات ..... يستنزفون البُلدان الضَّعيفة لأجنداتهم الأنانيَّة، ثم لا يبالون بمصيرهم أينما وقعوا.
في فلسطين ، أزمة النَّقب تتفاقم ، وأحداث أُمّ الحيران وإرتقاء الشهيد يعقوب أبو القيعان تتصدَّر العناوين . والقدس حاضرةٌ دائماً ، وأزمة البوابات والكاميرات ، ووقفة الشَّعب خلف المرجعيَّات ، ورفض محاولات الإحتلال تغيير الأمر الواقع لصالحها ، هذه أهم الأحداث .
الدَّاخل الفلسطينيّ ، يشهد وفاة مؤسس الحركة الإسلامية الشيخ عبدالله نمر درويش ، ثم أحداث دامية في كفر قاسم تجعلها في صدارة الأحداث ، وينتهي العام أيضاً في كفر قاسم بالمهرجان الأضخم والأرقى بيعةً ووفاءً للرسول الأكرم ، وبرَّاً للوالد المؤسِّس . أزمة التناوب في القائمة المشتركة اشغلت الرأي العام فترة من الوقت ..... والعنف كان وما يزال المؤرِّق الأكبر لجماهيرنا العربية في الدَّاخل ، هذا بالإضافة إلى الملاحقات السِّياسيَّة وإعتقال القياديين الكبيرين د. باسل غطاس والشيخ رائد صلاح ، وكثير من النشطاء في العمل الوطني والإسلامي في البلاد .
ومع إطلالة العام الجديد آمال تتجدَّد في ساحة الوحدة الفلسطينية وتحرُّكات إيجابية في هذا الإطار . ولكن المخاوف تتزايد في السَّاحة العربيَّة من آثار استفتاء كردستان العراق، والذي يمهِّد لإنفصال الإقليم وبداية تقسيم العراق ، ونشوب حربٍ أهليَّةٍ أو لربَّما إقليميَّة على إثر ذلك .
حلمٌ وأملٌ يرتحلان من عامٍ إلى عامٍ
ينقضي عام يتلوه آخر ، ونضطر لترحيل أحلامنا وآمالنا من عامٍ الى عامٍ . حلمنا الأكبر أن نرى أُمَّتنا ، وقد تعافت من نكباتها ، وضمَّدت جراحها ، ولملمت شعثها وجمعت شملها ، واستعادت هيبتها . رجاؤنا في الله لا ينتهي وثقتنا في وعده لا يخالطها شكٌّ ولا ريبٌ ، بان يسفر ليل هذه الأُمَّة المدلهمِّ المظلم ، عن صبحٍ باسمٍ ، وإشراقة مزهرة .
رجاؤنا في الله ، أن يزول الكرب ، وأن تنقشع المحنة ، بحقن دماء المسلمين الذين يُقتلون بحراب بعضهم ، فنسأل الله تعالى ان يسعدنا بأخبارٍ وأحداثٍ عن عزَّةٍ ومجدٍ وخيرٍ وأمنٍ وأمانٍ للمسلمين في كلِّ مكان .
والله غالبٌ على أمره
اضف تعقيب