على وقع مسيرات العودة الكبرى على حدود قطاع غزة، والتوتر الأمني على جبهتي سوريا ولبنان، احتفى اليهود بالذكرى السبعين لما يسمى "استقلال إسرائيل"، في حين اتخذ فلسطينيو 48 من هذه المناسبة محطة لمسيرة العودة 21 لبدء إحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.
ووسط تباين في مواقف المشهد السياسي الإسرائيلي تجاه المبالغ غير المسبوقة التي استثمرت في المراسيم الاحتفالية، التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات؛ طفا على السطح جدل سياسي وديني حول طبيعة المراسيم والمشاركين في الخطابات والعروض الموسيقية والفائزين بجوائز "إسرائيل الثقافية والأدبية" والحفل التقليدي "إيقاد المشاعل"؛ وهو ما يعكس الصراعات الداخلية بين العلمانيين والمتدينين من مختلف الطوائف اليهودية التي طالما تكتمت عليها إسرائيل.
العيد السبعون
وفي محاولة من وزيرة الثقافة ميري ريغيف، التي أشرفت على المراسيم الاحتفالية "بالاستقلال"، لطمس الهوية الفلسطينية وتغييب نضال العودة للشعب الفلسطيني وصهر الوعي للنشء، اختارت توجيه دعوة للعرب بالبلاد بعنوان "بفخر نحتفل بالعيد السبعين"، وكذلك دعوة شخصيات عربية للمشاركة في المراسيم الاحتفالية وحفل "إيقاد المشاعل"، بيد أن هذه الدعوة قوبلت بالمقاطعة الصامتة وتوجيه الأنظار للفعاليات الوطنية والثقافية والسياسية والأدبية التي تتوج مسيرات العودة الكبرى بذكرى النكبة.
مسيرة "العودة" للخيول العربية لقرى الروحة المهجرة (جنوبي حيفا) ضمن فعاليات إحياء ذكرى النكبة (الجزيرة) |
بالعودة لجوهر الصراع على فلسطين التاريخية، كان الحفل المركزي بالقدس المحتلة بمشاركة قادة وساسة وزعماء إسرائيل، عبر مراسيم حاولت إظهار التعدد الثقافي والسياسي والدمج بين اليهود العرب من أصول شرقية واليهود الأشكنازية من أصول أوروبية وغربية، بينما على ساحل فلسطين جنوب حيفا احتشد الآلاف من فلسطينيي 48 على أرض قرية عتليت المهجرة تأكيدا وإصرارا على عودة اللاجئين.
وفي مقر رئيس الدولة، وعلى جبل عين كارم (هرتسل) بالقدس المحتلة، حملت الاحتفالات ميزات عسكرية وأمنية بتكريم ومنح الجوائز للجنود وللضباط ومنح الأوسمة للمتفوقين منهم، إيذانا بإطلاق العروض التقليدية لسلاح الجو الإسرائيلي الذي غابت عنه طائرات الشبح "أف 35" بسبب التوتر الأمني على الجبهة الشمالية.
مشاركون بمهرجان العودة بقرية عتليت المهجرة إيذانا بإطلاق فعاليات إحياء ذكرى النكبة (الجزيرة) |
في الطريق نحو الجبهة الشمالية، حيث تتواجد أغلب القرى الفلسطينية التي دمرتها العصابات الصهيونية والبالغ عددها 531 قرية ومدينة، حلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية بعرض "الاستقلال" على ساحل قرية عتليت، في الوقت الذي شارك فيه الآلاف بمسيرة العودة.
وتشكل المنطقة محطة فارقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين بأراضي 48 سليمان فحماوي، الذي قال "في عتليت بدأت عملية تهجير وتطهير السكان الفلسطينيين، في حين حطت السفن المحملة باليهود على شاطئ بحر القرية ليستوطنوا بفلسطين".
لجوء وعودة
بين لوعة اللجوء والشتات وحنين العودة للوطن؛ تعددت فعاليات إحياء ذكرى النكبة، وعلى الرغم من أنه لم يبق من جيل النكبة إلا القليل على قيد الحياة؛ يقول رجل من أم الفحم للجزيرة نت" جيل اليوم هو جيل العودة الذي يرفض قبول النكبة والهزيمة، وهذا ينعكس على زخم المشاركة والفعاليات الوطنية والثقافية والفنية والرحلات إلى الجذور والمسيرات الشعبية، وكلها فعاليات ومحطات تشحذ الذاكرة وتسهم في صقل الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية رغم محاولات الأسرلة وتغييب الوعي".
وتضمنت فعاليات العودة مسيرات للخيول بالجليل والمثلث تعبيرا عن الارتباط بأرض الروحة وقراها المهجرة، إلى جانب تنظيم معارض فنية جسدت حلم العودة والتمسك بالوطن، ومعارض لصور فوتوغرافية وثقت مشاهد الوطن، وفقرات فنية وأغاني التراث الفلسطيني.
ورأى المؤرخ جوني منصور في تنوع الأنشطة "تأكيدا على حق العودة ونقل الرواية للذاكرة الجماعية في وعي الأجيال الشابة، وتأكيد أن الفلسطينيين، في كل أماكن تواجدهم، هم شعب واحد ولا يمكن فصلهم أو تقسيمهم".
على مرمى حجر من عتليت المهجرة نظمت الحركات النسوية والشبابية واللجان الشعبية ضمن مشروع "نساء على درب العودة" جولات تعريفية بالمدينة وتاريخها، وما تبقى من معالمها العربية التي تؤكد -حسب المؤرخ منصور- "أحقية الشعب الفلسطيني بالمكان، كما يتم فضح المساعي الإسرائيلية لطمس الرواية الفلسطينية من خلال عمليات التضليل للبشر والتشويه للمكان والحجر".
المصدر : الجزيرة
اضف تعقيب