الأناضول
يعيش نحو 190 فلسطينيا في تجمع "الخان الأحمر" البدوي في بادية مدينة القدس الشرقية، حالة من الترقب والخوف، خشية تنفيذ الجيش الإسرائيلي قرارا نهائيا اتخذته محكمة العدل الإسرائيلية يقضي بهدم التجمع.
ويواصل السكان حياتهم الطبيعة، لكنهم يترقبون أي تحرك إسرائيلي، يخشون هدم مساكن شيدت من الصفيح، وأخرى كرفانات (بيوت متنقلة) بدعم من دولة أوروبية.
وينشغل عيد الجهالين، الناطق باسم التجمع، باستقبال عشرات المتضامين الأجانب والإسرائيليين، وطواقم صحفية محلية وعربية ودولية.
وقال الجهالين، لمراسل الأناضول، إن "السكان مرهقون، ويتخوفون من تنفيذ قرار المحكمة الإسرائيلية".
وأضاف "تعيش النسوة والأطفال حالة من الرعب والخوف، يتوقعون في أية لحظة هدم مساكنهم، لكنهم يصرون على البقاء، ولن يخرجوا تحت أي ظرف كان".
وينحدر سكان التجمع البدوي من صحراء النقب، وسكنوا بادية القدس في العام 1953 إثر تهجيرهم القسري من قبل السلطات الإسرائيلية.
وأشار "جهالين" إلى استعداده للرحيل من التجمع البدوي "بشرط العودة لأرض أجداده في النقب، وغير ذلك مرفوض".
ويعتمد السكان في معيشتهم على تربية المواشي (الأغنام)، وكانوا يملكون نحو 1600 رأس ماعز، ونحو 60 ناقة في السبعينات من القرن الماضي، لكنهم لا يملكون اليوم سوى 240 رأس ماعز.
وأرجع "الجهالين" ذلك، إلى منعهم من الرعي في بادية القدس، وحرمانهم من مصادر المياه في وادي القلط القريب من التجمع.
ويحيط بالتجمع عدد من المستوطنات الإسرائيلية، حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى "E1".
وبحسب الفلسطينيين، يهدف المشروع إلى الاستيلاء على 12 ألف دونم (دونم يعادل ألف متر مربع)، تمتد من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، بهدف تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة عن وسطها.
وتعرضت المساكن في التجمع لعمليات هدم أكثر من مرة، بحسب "الجهالين".
ويفتقر التجمع للخدمات الأساسية، كالكهرباء والماء وشبكات الاتصال والطرقات، ويستخدم السكان الطاقة الشمسية للحصول على الإنارة ليلاً.
يشير "الجهالين" لمستوطنات مقامة على قمم جبال قريبة من التجمع البدوي، قائلا:"قبل بضعة سنين شُيّدت هذه المستوطنات، موفر لها كل مقومات الحياة، وباتت بلدات شرعية في حسبان الحكومة الإسرائيلية، بينما نمنع من تشييد غرفة، وتهدم مساكن شيدت من الصفيح".
ويعد "الخان الأحمر"، واحدا من 46 تجمعًا مشابهًا في منطقة شرقي القدس المحتلة، يعيش فيها أكثر من 3 آلاف فلسطيني مهددة مساكنهم بالهدم أيضا.
في الجانب الآخر من التجمع البدوي، يجلس محمد الجهالين (63 عاما)، في مضافة مسكنه، يقول لوكالة الأناضول، إن عمر التجمع يزيد عن عمر الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
وأضاف "لن نخرج من بيوتنا، سنفترش الأرض ونلتحف السماء، باقون هنا".
وأشار إلى أن السكان يتعرضون لضغوطات ومضايقات يومية منذ العام 1967، لإجبارهم على الرحيل.
بجوار "الجهالين" أطفال دون سن العاشرة، يلهون تحت أشعة شمس حارقة، لكنهم يفهمون جيدا معنى دخول آليات عسكرية تجمعهم، حيث تعرضت منازلهم مرات عدة لعمليات هدم، فقدوا خلالها أبسط مقتنياتهم وكتبهم المدرسية.
ويشمل قرار الهدم المساكن كافة، ومسجدا، ومدرسة شيدت من الإطارات المطاطية والطين، وتعرف بمدرسة "الإطارات".
وتخدم المدرسة التي تضم نحو 170طالبا، عددا من التجمعات البدوية في بادية القدس.
بدوره وصف كريم جبران، الناطق الإعلامي باسم مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" القرار بـ"جريمة حرب".
وقال لوكالة الأناضول، بينما كان في زيارة لتجمع الخان الأحمر، إن محكمة العدل العليا الإسرائيلية سمحت للجيش بارتكاب "جريمة حرب".
وأضاف "عملية إخلاء السكان قسرا من إقليم محتل يعد جريمة حرب حسب القانون الدولي، وإسرائيل تشرعن هذا الجريمة".
ومضى:"القضاة الإسرائيليون شركاء في هذه الجريمة".
بدورها عدّت الرئاسة الفلسطينية قرار القضاء الإسرائيلي هدم تجمع الخان الأحمر "تهجيرًا جماعيًا بحق الفلسطينيين".
وقالت في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "وفا" في حينه، إن "سياسة التطهير العرقي تعتبر أبشع أشكال التمييز العنصري، أصبحت هي السمة الغالبة على تصرفات وقرارات الحكومة الإسرائيلية وأدواتها المختلفة".
وأضافت الرئاسة، أن "الهدف الوحيد لهذه السياسة العنصرية هو اقتلاع المواطنين الفلسطينيين الشرعيين من أرضهم، للسيطرة عليها، وإحلال الغرباء من المستوطنين مكانهم".
ومساء الخميس الماضي، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، هدم تجمع "الخان الأحمر" في منطقة بادية القدس الشرقية.
اضف تعقيب