الطائرات الورقية الحارقة "كارثة وطنية" لإسرائيل.. وحماس تشن حرب استنزاف مدروسة
الأناضول
تناول محللان إسرائيليان في مقالين لهما صباح اليوم السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، في ظل الأثر الذي تخلفه الطائرات الورقية الحارقة التي يطلقها المتظاهرون الفلسطينيون من غزة تجاه أراضي المستوطنات الإسرائيلية في محيط القطاع، وسلوك حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، نهجا جديدا في التعامل مع الواقع الإنساني الصعب جدا في غزة بحثا عن مخرج من الأزمة الناتجة عنه.
وتسبب الطائرات الورقية التي يتم ربط مواد مشتعلة بها بإحراق آلاف الدونمات (الدونم= ألف متر مربع) من الأراضي الزراعية التي يملكها إسرائيليون، وأكثر من ألفي دونم من الأحراش، منذ بدء إطلاقها قبل شهرين مع انطلاق مسيرات العودة في غزة نهاية مارس/آذار الماضي.
ووصف الصحفي الإسرائيلي "طال ليف رام" (في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية)، الوضع في محيط غزة بأنه صار بالنسبة لإسرائيل "كارثة وطنية"، والسبب الرئيسي لهذه "الكارثة"، تآكل قدرة الردع الإسرائيلية في نظر الفلسطينيين في غزة، حسب وصف الكاتب.
ويقول "رام"، إن كلمة "ردع"، باتت الكلمة المرتبطة بالوضع المتوتر بين غزة وإسرائيل. فحين تسود حالة الهدوء، تقول الحكومة الإسرائيلية إن سبب ذلك هو قوة "الردع" الإسرائيلية، ولكن عندما تتفجر الأوضاع تدعي الحكومة أن "الأزمة في غزة تجبر حماس على الدخول في تصعيد، رغم أن الحركة ليست معنية به.. ومن يقوم بهذا التصعيد هو تنظيمات صغيرة أخرى، لأن حماس تخشى المواجهة".
ويضيف "بهذا يملأ المسؤولون الإسرائيليون السياسيون والأمنيون أسماعنا عبر وسائل الإعلام".
لكن الواقع حسب "طال"، أن "إسرائيل وجيشها لم يقوما في السنوات الأخيرة بتحليل سياساتهم تجاه العدو في غزة، أما حماس فأعادت النظر في نهجها وسلكت مع باقي الفصائل الفلسطينية نهجا جديدا، فصعدت من العمليات على امتداد السياج المحيط بغزة، ثم تحولت بسرعة إلى إطلاق الصواريخ والقذائف في غلاف غزة".
ورغم التغيير في نهج حماس، بقيت السياسة الإسرائيلية تجاه غزة غير واضحة، وانجرت إلى لعبة بقوانين وضعها غيرها.
"طال" يضيف: الإسرائيليون في محيط غزة لا يريدون حربا ضد "حماس"، لأنهم يدركون ثمنها، لكنهم يطالبون بسياسة إسرائيلية واضحة تجاه حماس.
وهذا الوضع ينطبق تماما على الحكومة الإسرائيلية، التي لم تحدد اتجاها لسياستها تجاه غزة.
فخلال أربع سنوات من الهدوء لم تقم إسرائيل بأية خطوات للتخفيف من الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، رغم وجهة النظر القائلة إن في تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة مصلحة إسرائيلية أيضا.
الجيش طلب هذه الخطوات، ووزراء في الحكومة دعوا إلى ذلك، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تجاهل المطالب بحجة الوضع في الشمال (سوريا ولبنان)، وربما يكون هذا الطرح منطقيا بسبب أهمية الشمال، لكنه لا يمنع وضع نهج واضح للتعامل مع الجنوب (غزة) على المستويين السياسي أو العسكري.
"الطائرات الورقية الحارقة وحدها خلقت كارثة وطنية لإسرائيل"، يقول "طال"، ويضيف "في البداية لم يعرها أحد اهتماما كبيرا، لكنها الآن تكبد إسرائيل خسائر كبيرة في الحقول والاقتصاد، وآلاف الدونمات من الغابات باتت رمادا".
و"أمس، منعت حركة السير العادية في طرق معينة بسبب الحرائق، حتى وصل الأمر إلى وقف حركة القطارات في المناطق الإسرائيلية شمال القطاع، وإسرائيل رغم تهديداتها وغاراتها على غزة لم تتمكن من إيجاد حل عسكري للوضع، ولا حل تكنولوجي لاعتراض الطائرات الورقية، في الوقت ذاته فشلت في وضع سياسة للتعامل مع القطاع، بما قد يضمن استمرار الهدوء الذي دام أربع سنوات".
في السياق ذاته، يقول "آفي يسيخاروف"، في موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، إن "حماس، غضت الطرف عن الفصائل الفلسطينية التي أطلقت الصواريخ مؤخرا باتجاه إسرائيل، وذلك يبدو أنه معادلة جديدة تريد حماس فرضها على إسرائيل عشية مسيرات ذكرى هزيمة عام 1967".
وأوضح أنه حسب المعادلة الجديدة فحماس، تقول "قتل المتظاهرين الفلسطينيين سيلاقي ردا بالصواريخ والقذائف.. حماس قادرة على إطفاء النار في غزة، وقادرة على إشعالها، ويبدو أنها تقوم بذلك من خلال فصائل أخرى".
بالمقابل يضيف "يسيخاروف"، فإن "كل ما يقوم به الجيش هو قصف تحذيري على مواقع مخلاة من مقاتلي حماس وغيرها من الفصائل، والهدف منه أيضا توجيه رسالة إلى حماس مضمونها؛ إسرائيل قادرة على التصعيد أيضا لكنها لا ترغب بذلك".
هذه الرسالة يقول "يسيخاروف"، لم تترك أثرا لدى قادة حماس، فالوضع الاقتصادي والإنساني المتردي في القطاع، دفع الرأي العام في غزة إلى المناداة بتغييره حتى ولو بحرب جديدة، ولم يأتِ التغيير بعد.
ويضيف، "الأسبوع الماضي، قالت السلطة الفلسطينية إنها ستجدد تحويل الرواتب المتوقفة إلى غزة ولم يحدث ذلك، ومصر وإسرائيل تتحدثان عن تحسين الوضع الإنساني في القطاع، لكن، هنا أيضا لم يحدث أي تغيير درامي".
ويختم الكاتب تحليله بالقول "لم نشهد في اليوم الأخير أي إطلاق لصواريخ أو قذائف من غزة، لكن للأسف هناك اتفاق على شيء وأحد بين إسرائيل وغزة: الهدوء هذا هش جدا، ولن يمضي وقت طويل حتى نكون شهودا على تبادل جديد لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
اضف تعقيب