الحاج عمر عصفور .. رحلت ايها الرجل الوطني المناضل .. لكن بصمات فكرك السياسية والادبية، ستبقى خالدة في وجداننا ايها المحارب المسالم،
الحاج عمر عصفور .. رحلت ايها الرجل الوطني المناضل .. لكن بصمات فكرك السياسية والادبية، ستبقى خالدة في وجداننا ايها المحارب المسالم،
هلال بدير " ابو محمد "
رحلت ايها الرجل الوطني المناضل ، رحلت جسدا ً وروحا، ولكن بصمات فكرك السياسية والادبية، ستبقى خالدة في وجداننا ايها المحارب المسالم، الذي ولدت حرا وعشت حرا، وتوفيت بمشيئة الله عزّ وجل، رحمك الله واسكنك جنات خلده.
غيّب الموت عن كفرقاسم والوسط العربي ، رجل العلم والفكر، رجل الحوار والانفتاح، الأديب والمؤلف والوطني ، انه الرجل عمر حمدان عامر " ابو ناصر " ، صاحب الإعتدال السياسي .
عمر حمدان ، سيد العمامة البيضاء ، الموضوعة على رأسه كتاج على عرش، يمتاز بعقلية وفكر وطني سياسي حر ، مؤمن بالعيش المشترك مع الانسانية . المناضل عمر حمدان عامر كان مؤمنا ً أن فلسطين بلا مناضلين شرفاء لا طعم لها ولن تحقق حريتها .
الحاج عمر هذا الرجل الذي آمن بقضايا الشعوب المظلومة والمقهورة، آمن بقضيته بقضية الشعب الفلسطيني، فبدأ نضاله السياسي معهم مؤمنا بكل وسائل النضال السلمية الحقوقية ، من خلال انخراطه في منظمة التحرير الفلسطينية “فتح”، بعد ان اصبح من المقربين لزعيمها ياسر عرفات “ابو عمار”، .
حياته في سطور :
يعتبر الحاج عمر عصفور من الرعيل الثوري الاول في وسطنا العربي في الداخل الفلسطيني , حيث ترعرع على فكر النكبة والاضطهاد من قبل الاحتلال الاسرائيلي . فقد قارع كل المحافل السياسية والادبية من اجل مناصرة القضية الفلسطينية . كان له حضورا وتمثيلا على المستوى القطري في كل الاصعدة . فهو السفير القسماوي من على المنصات القطرية السياسية في سنوات الستينات والسبعينات ..
هو اول من اسسس تنظيم حركة فتح في كفرقاسم واراضي الداخل الفلسطيني مع نخبة من المفكرين والادباء والناشطين ..
في بداية سنوات السبعينات تم اعتقاله بتهمة انتسابه لتنظيم وتاسيس تنظيم حركة فتح .. بعد ذلك تم اطلاق سراحه وابعاده عن كفرقاسم ومنطقة المثلث الجنوبي الى قرية يركا في الجليل حيث مكث هناك عامين .
بعد ذلك عاد الى مدينة كفرقاسم وفي العام 1974 كان اول من اسس اللجنة الشعبية لاحياء ذكرى مجزرة كفرقاسم وكان اول القائمين على فكرة المسيرة التقليدية ليوم الذكرى . فكان بيته عبارة عن الكهف الذي تدار وتخطط فيه كل امور ذكرى مجزرة كفرقاسم .
في هذه السنوات عاش تحت ارهاب المخابرات الاسرائيلية ومسؤولها انذاك " ابو فريد " الذي لم يتركه للحظة .. حيث كان دائما يتجول في منطقة ميدان ابو بكر الصديق باحثا عن الشاب عمر عصفور ورفاقه .
ومن القصص التي يرويها احد الشيوخ انه وذات مره جاء رجل المخابرات الى منطقة الكينه وكان شباب كفرقاسم يتجمعون تحت هذه الشجرة وخاصة في الايام ما قبل احياء ذكرى مجزرة كفرقاسم . فوقف " ابو فريد " رجل المخابرات " امامهم سائلا " اين عصفور ؟؟؟ فنظر احدهم الى الاعلى وقال " اذاقوا فوق الشجرة العصفور " .. فصرخ في وجهه ان بسالك عن عمر !!!!
في سنوات السبعينات كن بيته محط لاجتماعات القيادات السياسية القطرية حيث كان يتوافد اليه كبار الشخصيات السياسية مثل توفيق زياد , توفيق طوبي , مئير فلنر ,, والعديد من الشخصيات السياسية من الوسطين العربي واليهودي ... فكان بمثابة العقل المدبر للنضال الثوري في كفرقاسم ومنطقة المثلث .. لهذا كان بيته وابناءه وزوجته اكثر المتضررين من ارهاب المخابرات انذاك ,,
وفي العام 1976 كان اول من اسس الحركة الوطنية فعمل جاهدا على بث الفكر الوطني بين صفوف الشباب والطلاب الجامعيين .
اول من تصدى لسياسة مصادرة الاراضي في سنوات السبعينات فكان اول من قام مع مجموعة الشباب في الحزي الشيوعي لاحياء يوم الارض . فاعتقل مره اخرى بسبب ما سمي هبة الخوازيق في صبيحة يوم الأرض عام 1976 في مركز كفر قاسم .
هو اول من طالب باقامة نصب تذكاري لشهداء مجزرة كفرقاسم حيث عمل جاهدا على وضع النصب التذكاري في العام 1977- 78 والذي جمعت تكاليفه انذاك من جيوبهم الخاصة . حاولت المخابرات وفي احد الليالي من نزع هذا النصب , الا انهم تفاجئوا انه كان نائما على منصة النصب التذكاري ... وهو من خطط وهندس شكل النصب والذي نراه اليوم ...
هو اول من طالب باقامة متحف لشهداء كفرقاسم , وبالفعل وفي عهد الرئيس عبدالرحيم عيسى في سنوات الثمانينات تم وضع حجر الاساس لبناء متحف شهداء كفرقاسم بمشاركة القيادي مئير فلنر وتوفيق طوبي وتوفيق زياد وقيادات الحزب والجبهة في البلدة .
هو اول من اقام المؤتمرات السياسية الوطنية في المثلث وكفرقاسم حيث كانت ساحة الميدان تشهد تجمعا سياسيا قطريا في العديد من المناسبات الوطنية . فوضع قرية كفرقاسم على الخارطة النضالية القطرية ..
هو الشخصية الوحيدة التي دونت وارخت تاريخ كفرقاسم , فهو بحر من المعلومات . فقد كان يؤرخ كل حدث في مدينة كفرقاسم . وفي العام 1999 عندما اقدمنا والدكتور ابراهيم ابو جابر على اصدار كتاب " كفرقاسم الماضي والحاضر " كان لهذا الرجل دور كبير في مدنا بالمعلومات التاريخية عن البلدة وتاريخها . ولكن عندما طالبنا منه بعض الوثائق رفض ذلك وقال " لن تخرج أي ورقة من تاريخ كفرقاسم الا بعد وفاتي , وهي الان موجوده معي ومن بعدي فهي ملك لاولادي ولهم الحق في نشرها .
لكن ومن خلال الجلسات العديدة معه كان يسرد لي امور في غاية الاهمية والخطورة عن تاريخ كفرقاسم وكلها موثقة . ما رايته وقراته كان .....
استمر على هذا النهج لسنوات طويلة شاركه العديد من الشخصيات القسماوية الوطنية , فكان اذا جاءت ليلة الذكرى تنهمر عيناه بالدموع , وذات مره سالته .. ابو ناصر ما بلك حزين ؟؟ ماذا تريد ؟؟
قال بقي لدي طلب اريد ان يتحقق !!
فقلت له تكلم ..
قال " اريد ان تقام شاهدة لرقصة الموت "
فسالته أي رقصه واي موت ؟؟؟
قال " عندما كتب اميل حبيبي قصة " رقصة الموت " كانت من فكرتي وانا من رويت له تلك القصة , هذه القصة هي المشهد الثاني من مشاهد مجزرة كفرقاسم والتي وقعت بها 13 امراة وفتاة امام بيت عمر الحاج محمود بالقرب من بساتين المدرسة الغزالي .. هناك انزل جيش الاحتلال النساء اللواتي كنا في السيارة ... فنزلن ووقف على شكل دائري والجنود يحيطون بهن ,, فاصبحن ومن شدة الخون في حركة دواران .. فاسميتها " رقصة الموت " .
لذلك ما اطالبه ان يقام في تلك المنطقة نصب تذكاري " شاهدة لهن " .
وبالفعل وفي زمن الرئيس المحامي نادر صرصور 2009 عملت جاهدا على تلبية طلب وامنية هذا الرجل .. فتم بناء الشاهدة في مدخل المدرسة وفي ذكرى المجزرة تم اعطاء الحاج عمر عصفور شرف الاعلان عن فتح ستار هذه الشاهدة .
لقد اراد ان يكون كل معلما من معالم مجزرة كفرقاسم بارزا وشاهدا على جرم الجيش الاسرائيلي لتتذكره الاجيال .. وبالفعل هذه المعالم اصبحت نجوم يهتدي بها كل زائر لكفرقاسم وكل طفل قسماوي ..
على الدور السياسة المحلية فكان له دور كبير في بلورة السياسة المحلية بعيدا عن العائلية , فكان يطمح دائما بان يكون في مقدمة كفرقاسم ومن يمثلها انسان متعلم .. فكان اول من فكر ورشح الاستاذ عبدالرحمن صرصور لرئاسة مجلس محلي كفرقاسم .. كان يعشق الطبقة المتعلمة وكان يهنا لعمل الفلاحين والعمل في سهل البلدة ...
قصص وروايات كثيرة بامكاننا ان نرويها عن هذا الرجل لكن قصة واحدة لا يمكن ان ينساها أي قسماوي ..
في سنوات السبعينات حيث كانت الحياة صعبة جدا من جهة ومن جهة اخرى كانت المخابرات الاسرائيلية وعشية ذكرى مجزرة كفرقاسم تجمع كل قطع القماش الاسود والاربيض من المحلات في كفرقاسم والقرى المجاورة . وذلك خوفا على استعمالها في الذكرى .. فقد كان ذلك الشاب والرجل يجمع قطع القماش من بيته ومن اغراض زوجته من اجل ان يقوم بكتابة الشعارات عليها . ( كانوا يجمعون القماش من سراويل النساء ) وهذه حقيقة يؤكد عليها الفنان الكبير عبد التمام طه .. الذي كان من يقوم بالكتابة والرسم ... وللحكاية بقية ..
رحلت ايها الرجل الوطني المناضل .. نعم رحلت يا أطهر الناس واشرفهم، رحلت يا رجل الحوار والاعتدال والانفتاح، رحلت في زمن نحن بحاجة اليك ، يا صوت الوطني الهادئ، رحلت ايها الرجل الدين المؤمن العلماني، رحلت جسدا ً وروحا، ولكن بصمات فكرك السياسية والادبية، ستبقى خالدة في وجداننا ايها المحارب المسالم،
اضف تعقيب