الأناضول
بخطوات مسرعة هبط الفتى عثمان حلّس (15 عاما) درج منزله، متجها لبيت جدته في الطابق الأرضي يلقي عليها التحية، قبل أن يتوجه إلى شرق مدينة غزة للمشاركة في مسيرة "العودة".
قابلته جدته زكية حلّس (60 عاما) بتوسلاتها له ألا يذهب هذه المرة، "فبندقية إسرائيل لا تميز بين صغير وكبير، وتقتل المدنيين والعزل، والأنباء تقول بأن الأوضاع ستكون ساخنة".
لكن الصبي المعروف بين أشقائه بـ "الأكثر جرأة" انتقد رجاء جدته وقال لها: "كيف يا ستي (جدتي) ما أروحش (لا أذهب؟) لازم أروح، هذا واجب علينا"، كما تقول الجدة.
وأضافت لوكالة الأناضول: "لقد تناول الغداء، وحلق رأسه، وجاءني يقول لي، بدك شي يا ستي (هل تريدين شيئا؟)، أنا رايح (سأذهب) وإن شاء الله سأعود".
كان ذلك آخر حوار للفتى حلّس، فقد عاد لمنزله أمس الجمعة شهيدا، بعد أن أصابته رصاصة إسرائيلية قاتلة في جسده، قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد حلس أمس الجمعة، جراء تعرضه لإطلاق نار إسرائيلي قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة، خلال مشاركته في مسيرة العودة.
وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية المسيرة نهاية آذار / مارس الماضي 139 شهيدا، بحسب الوزارة.
وخلال مسيرات العودة التي انطلقت نهاية مارس / آذار الماضي، استهدف الجيش الإسرائيلي بواسطة القناصة العيدد من الأطفال، ما أدى إلى مقتل بعضهم وإصابة الكثيرين.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن الجيش الإسرائيلي قتل 16 طفلا خلال المسيرات (آخرهم حلّس)، وأصاب أكثر من 2500 آخرين.
وتقول الجدة حلس، إن حفيدها عثمان كان يصر على المشاركة في مسيرة العودة كل يوم جمعة دون علم عائلته، لأنهم كانوا يخافون عليه من المحتل الإسرائيلي الذي يستهدف الجميع".
وأضافت الجدة: "ماذا فعل صبي بهذه السن لإسرائيل حتى تقتله؟".
وتابعت: "كان يقول لي أنا لا أخاف من اليهود، ولا من الشهادة، إن كنت سأموت فأنا شهيد، ولا أخاف من الإصابة في سبيل الدفاع عن أرضي ووطني من المحتل".
وأكملت: "كان يقول لي: أتمنى لو أن المسيرات تنجح ونقدر نشوف (نستطيع أن نرى) بلادنا فلسطين، وينفك عنا (يرفع) الحصار الإسرائيلي، ونعيش حياة حلوة، نفسي هذا يصير (أتمنى أن يحدث هذا)".
وتصف حلس حفيدها الشهيد بأنه "الأكثر جرأة بين أشقائه الخمسة، وكان يصر على المشاركة في المسيرات السلمية".
وتقول إنه "الأكثر حنانا أيضا، إنه يحب أن يُسعد أباه وأمه وإخوته، وعندما كان يملك نقودا يذهب ويشتري بها احتياجات تلزمهم دون أن يطلبوا منه ذلك".
وأضافت: "قبل عدة أيام كان أبوه يقول لي، إن عثمان هو أكثر أبنائنا حنانا عليّ أنا ووالدته، أرى أنه أكثر من سينفعنا في كبرنا".
ولم تتمكن والدة الطفل عثمان من الحديث لوكالة الأناضول، نظرا لحالة الحزن الكبيرة التي أصابتها على رحيل ولدها.
وضمن فعاليات مسيرات العودة، يتجمهر آلاف الفلسطينيين في عدة مواقع قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل منذ نهاية مارس / آذار الماضي، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة.
ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بالعنف، ما أدى إلى استشهاد 139، وإصابة أكثر من 16 ألفا آخرين بإصابات مختلفة.
اضف تعقيب