وفد من فلسطينيي الداخل يعود من غزة بانطباعات موجعة: وضع مأساوي بكل مناحي الحياة
عاد وفد طبي من الداخل من غزة بعد زيارة خاطفة ليومين قدم خلالها مساعدات متنوعة في مستشفياتها وقد عبّر بعض الأطباء المشاركين عن صدمتهم مجددا من تدهور حياة الأهالي هناك ومن الحالة الطبية المأساوية في ظل الحصار ومن "هجرة الأطباء " للخارج.
كما كشف بعض المشاركين في الوفد الطبي الذي شمل أطباء متخصصين وخبراء نفسيين عن "هجرة أطباء" من القطاع إلى العالم الكبير نتيجة ضيق فرص وإمكانيات العمل والحصار الخانق.
الدكتور إياد خمايسي من بلدة كفركنا يواظب على زيارة غزة منذ سنوات ضمن وفود طبية تقدم مساعدات مهنية وإنسانية لمستشفياتها ومرضاها منذ سنوات. رغم تجربته الغنية وزياراته الكثيرة للقطاع فقد عبر الدكتور إياد خمايسي (مدير وحدة تنظير الجهاز الهضمي المتقدم في مستشفى رمبام – حيفا وفي مستشفى العائلة المقدسة -الناصرة ) عن صدمته مجددا من مأساة الأهالي في ظل الحصار والفقر والحرمان من الحق الأساسي بسلامة الجسم والصحة والتداوي. ويوضح بروفيسور خمايسي لـ " العرب " إنها كانت زيارة خاطفة تبلغ نصف ساعة للشوارع والأسواق كي يعود بانطباعات موجعة عن حياة البؤس والشقاء كما يتجلى في بسطات يبيع فيها بعض الناس حبات قليلة من الخضراوات.
يشار أن المستشفى الأوروبي حيوي جدا لأنه على الحدود مع إسرائيل ويستقبل عشرات الإصابات كل أسبوع. ويعمل خمايسي على تجميع أطباء مستشفيات غزة ضمن ورشة حول جراحة الناظور واستخدام التقنيات الحديثة وإدارة نقاش حولها علاوة على إرشادات طبية وعمليات جراحية. كذلك أشار لنقص حاد في أدوية كثيرة منها فقدان الجيل الجديد من المضادات الحيوية وكذلك أدوية مرض السكري. وأجرى دكتور إياد خمايسي في البنكرياس والكبد لعدة مرضى تم استحضارهم للمستشفى الأوروبي من عدة مستشفيات لافتا لوجود لمرضى لم يتمكن الوفد الطبي من معالجتهم بسبب الدور الطويل مما دفع المشرفين هناك على تهريبنا من باب خلفي كي تشارك في مؤتمر طبي في غزة.
كما أشار لوجود أعداد هائلة من المرضى بسبب الحصار الشامل وتابع" باتت السلطات الإسرائيلية تمنع خروج 95% من المرضى خارج القطاع للتداوي وكذلك مصر. خمايسي الذي يزور غزة مرتين أو ثلاث مرات كل عام لتقديم مساعدات طبية وإنسانية على شكل علاجات وإرشادات دعا كل من بوسعه المساعدة أن يسعى لزيادة التراخيص المعطاة لزيادة عدد الأطباء من الداخل ممن يتاح لهم الدخول لغزة والمساهمة في لملمة جراحها النازفة". وأضاف " بعض المرضى في غزة خضعوا لعمليات جراحية بمساعدة طواقمنا ومنهم من يحتاج لعمليات استكمالية ولا يحصلون على فرصة لأن المستشفيات تعطي الأولوية لمن يواجهون خطر الموت الفوري".
لكن خمايسي عبر عن صدمته أيضا من هجرة الأطباء العاملين في غزة في ظل حالة الحصار وتدني فرص وإمكانيات العمل. وينقل دكتور إياد عن بعض زملائه في غزة قولهم إن عددا كبيرا من الأطباء قد غادروا مستشفيات غزة في السنة الأخيرة منهم عشرون طبيبا تركوا عملهم في العام الأخير من مستشفى الأوروبي - خان يونس وحده وهو مستشفى كبير يعمل فيه نحو 200 طبيب. ويذهب هؤلاء الأطباء حسب ما قيل على مسامع دكتور خمايسي أنهم هاجروا لدول أوروبية كالسويد وألمانيا وكذلك لتركيا. ويتابع " تنبهت للموضوع بعدما سألت عن بعض الأطباء ممن غابوا عن اللقاءات هذه المرة ولما سألت كشفوا عن " هجرة الأطباء" . هذه كارثة طبية ففي الزيارة الأخيرة لم أجد طبيبا مختصا في تصوير بواسطة جهاز " إم أراي ".
بالمقابل أوضح مدير العيادات الميدانية في منظمة " أطباء من أجل حقوق الإنسان " الفلسطينية صلاح حاج يحيى أن هناك نحو 50 طبيبا قد غادروا غزة منذ عدة سنوات وليس خلال العام الأخير. إن الحديث عن " هجرة أطباء " من غزة فيه شيء من المبالغة لافتا إلى أن بعض الأطباء قد غادر من أجل التخصص من طرف وزارة الصحة فيما غادر آخرون من أجل تحسين ظروف الحياة في ظل الحصار وقد عاد قسم كبير منهم للقطاع". وأشار صلاح حاج يحيى إلى أن الوفد الطبي المذكور قام على مدار اربعة ايام بإجراء اكثر من عشرين عمليه جراحيه ونظم يوم طبي في مخيم البريج وعاين عن المئات من المرضى وكذلك اقام مؤتمرا طبيا كبيرا بمشاركة وزارة الصحة الفلسطينية شارك فيه المئات من الاطباء من كافة المشافي في قطاع غزه كذلك حمل اعضاء الوفد المساعدات الطبية بأكثر من خمسين الف دولار. وضم الوفد صلاح الحاج يحيى رئيس الوفد والى جانبه الاطباء مصطفى ياسين، عبد الله بويرات، زيد عباسي، اياد خمايسي، فراس ابو عكر، جمال حجازي، جمال دقدوقي،عرين حاج يحيى، عبد خلايلي، رفيق مصالحه،عبد دراوشة.
واستذكر أن الوفد أجرى العمليات الجراحية في مستشفيات الاوروبي في خان يونس والشفاء في غزه لافتا لكونها عمليات نوعية ومعقدة من خلالها تم تدريب الكادر الطبي المحلي فيما نظم يوم طبي كبير في مخيم بريج وذلك لإبراز مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على خلفية قرار الرئيس الامريكي ترامب بوقف المساعدات لوكالة الاونروا. وفي قاعة ابو حصيرة على شاطئ غزه نظم المؤتمر المشترك لأطباء حقوق الانسان و وزارة الصحة حيث قدمت عشر محضرات علميه امام الاطباء الغزيين. وعلى هامش الزيارة التقى الوفد الطبي من أراضي 48 بوكيل وزارة الصحة د يوسف ابو الريش ومدير عام المشافي د عبد اللطيف الحاج ود اشرف ابو مهادي ود اشرف القدرة الناطق بلسان الوزارة. وقد استمع الوفد الى المشاكل التي يعاني منها الجهاز الصحي كنقص الادوية والاجهزة والمعدات وانقطاع التيار الكهربائي ونقص السولار للمولدات الكهربائية. وخلص حاج يحيى للقول " اثناء تجوال الوفد ولقاء المواطنين يتضح الوضع المأساوي للمواطنين في كافة مناحي الحياة، الفقر والبطالة وانعدام الامل بالتغيير بعد 11 عاماً من الحصار الظالم على القطاع وثلاثة حروب ادت الى دمار شامل في القطاع ".
اضف تعقيب