الأناضول
- غانا هي أول دولة إفريقية تعترف رسميا بإسرائيل عام 1956، وتوجد سفارات إسرائيلية في 10 دول إفريقية من أصل 54
- دول إفريقية ترغب في إقامة علاقات مع تل أبيب للحصول على المعرفة الأمنية والتكنولوجية والزراعية الإسرائيلية
- المتحدث باسم نتنياهو: إسرائيل تريد توسيع علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الإفريقية وفتح أسواق جديدة للشركات الإسرائيلية
- نتنياهو أعلن مرارا رغبته في كسر "التأييد التلقائي الإفريقي" للفلسطينيين في المؤسسات الأممية
- محلل إسرائيلي: تل أبيب لم تنجح في وقف دعم الأفارقة السياسي للفلسطينيين رغم اختراقات محدودة هنا وهناك
تأمل دول إفريقية أن تسهم علاقاتها مع إسرائيل في الحصول على المعرفة الأمنية والتكنولوجية والزراعية الإسرائيلية المتقدمة.
وتريد إسرائيل منها ثلاثة أمور، هي: توسيع رقعة علاقاتها الدبلوماسية مع هذه الدول، وفتح أسواق جديدة للشركات الإسرائيلية، وكسر تأييد تلك الدول لفلسطين في مؤسسات الأمم المتحدة.
ببطء تتقدم دول إفريقية تجاه إسرائيل، التي تأمل انطلاقة كبرى مع تلك الدول، لكن القضية الفلسطينية تقف أمام مثل هذه العلاقات بالمرصاد، في ظل احتلال إسرائيلي متواصل.
** أولوية لنتنياهو
قال أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي في تصريح للأناضول، إن "توسيع رقعة العلاقات الإسرائيلية الإفريقية يحظى باهتمام كبير، بل بأولوية كبيرة بالنسبة إلى رئيس الوزراء (بنيامين) نتنياهو، الذي يبذل جهودا حثيثة لتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الدول الإفريقية، وخاصة مع الدول التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل في السبعينيات (القرن الماضي)".
على نحو مفاجئ، وصل رئيس تشاد إدريس ديبي إلى إسرائيل، الأحد، في زيارة لم تعلن سابقا، رغم أن العلاقات بين البلدين مجمدة منذ السبعينيات، ولم يُعلن استئنافها رسميا.
وعلق جندلمان قائلا: "بكل تأكيد، تعتبر زيارة الرئيس التشادي التاريخية إلى إسرائيل إنجازا كبيرا آخر حققته سياسة رئيس الوزراء نتنياهو حيال إفريقيا".
وقبل عامين، أطلق نتنياهو جهدا سياسيا واسعا في محاولة للتقارب مع دول إفريقيا، تحت شعار: "إسرائيل تعود إلى إفريقيا، وإفريقيا تعود إلى إسرائيل".
من أجل هذا الهدف الإسرائيلي، بحثت تل أبيب عن احتياجات يمكن أن توفرها لدول القارة السمراء.
وأوضح جندلمان أن" الدول الإفريقية معنية بالخبرات الإسرائيلية في المجالات التي تهمها، وهي مكافحة الإرهاب (المعرفة الأمنية)، وتكنولوجيا الزراعة والري".
مقابل توفير هذه الاحتياجات، أضاف جندلمان أن "إسرائيل معنية بتوسيع رقعة علاقاتها الدبلوماسية مع دول هذه القارة الهامة، وبإيجاد أسواق جديدة للشركات الإسرائيلية".
وتابع أن : "التقارب يعود إلى قرار الدول الإفريقية بأن إسرائيل مهمة لها ولمستقبل شعوبها، بفضل خبراتها الثمينة والمتنوعة في الكثير من المجالات".
لكن هذه ليست كل أهداف إسرائيل، ففي أكثر من مناسبة قال نتنياهو إنه يأمل من العلاقات الإسرائيلية ـ الإفريقية كسر ما سماه "التأييد التلقائي الإفريقي" للفلسطينيين في المؤسسات الأممية.
وتحظى مشاريع القرارات التي يقدمها الفلسطينيون أو دول داعمة لهم إلى مؤسسات الأمم المتحدة بتأييد واسع النطاق من جانب الدول الإفريقية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الأحد، عن مصادر سياسية إسرائيلية (لم تكشف عن هويتها) أن "طواقم إسرائيلية تعمل على بناء علاقات مع السودان".
وأوضحت أن تل أبيب تأمل "تحقيق أهداف، بينها تقليص مسافة الرحلات الجوية بين إسرائيل والقارة الأمريكية الجنوبية، وهو ما يلزمه استخدام المجال الجوي لكل من السودان وتشاد".
ونافيا ما نقلته الإذاعة الإسرائيلية، قال القيادي بالمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) في السودان عبد السخي عباس، للأناضول، إن نتنياهو "لا يمكنه زيارة السودان، ولا حديث لهذه الزيارة في الأوساط الرسمية السودانية".
وزار نتنياهو في نوفمبر / تشرين الثاني 2017 كينيا، حيث عقد سلسلة لقاءات مع عدد من رؤساء الدول الإفريقية.
وقبلها زار ليبيريا في يونيو / حزيران 2017، حيث شارك في لقاء للمنظمة الاقتصادية المشتركة لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
وفي يوليو / تموز 2016، زار نتنياهو أوغندا، حيث التقى رؤساء كل من أوغندا وكينيا وجنوب السودان وزامبيا ورواندا، ورئيسي وزراء إثيوبيا وتنزانيا.
وفي الشهر ذاته، تم إعلان استئناف علاقات إسرائيل مع غينيا بعد قطيعة استمرت 49 عاما.
ولدى استقباله رئيس تشاد، الأحد، قال نتنياهو: "زرت إفريقيا ثلاث مرات خلال العامين الماضيين ـ في الجزء الغربي من القارة الإفريقية والشرقي منها، وإليكم تلميحا واضحا، إنني أتمنى زيارة إفريقيا الوسطى أيضا".
غير أن مسيرة نتنياهو في إفريقيا واجهتها عقبات، إذ نجح الفلسطينيون في منع قمة إسرائيلية إفريقية كانت مقررة في لومي عاصمة توغو بين يومي 23 و27 من أكتوبر / تشرين الأول 2017.
** البداية مع ليبرمان
قال بنحاس عنبري، محلل سياسي إسرائيلي، إن "أفيغدور ليبرمان، حين كان وزيرا للخارجية، هو أول من بادر بالتقارب مع إفريقيا بعد أن واجه صعوبات في قبوله لدى الدول الأوروبية".
وتولى ليبرمان حقيبة الخارجية لفترتين: الأولى بين عامي 2009 و2013، والثانية بين 2013 و2015.
وأضاف عنبري للأناضول أن "إسرائيل أهملت إفريقيا لسنوات طويلة، وركزت على العلاقات مع الدول الأوروبية، وبالتأكيد مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع: "ولكن عندما أيدت أوروبا بشكل واضح قيام دولة فلسطينية، وعارضت بشكل علني سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، اتخذت إسرائيل قرارا استراتيجيا بالعودة إلى إفريقيا".
واستطرد: "عودة إسرائيل إلى إفريقيا حملت في طياتها خيبة أمل إسرائيلية من أوروبا التي مالت إلى الفلسطينيين، وفرضت عقوبات على استيراد بضائع المستوطنات، ولم تتخذ موقفا واضحا من جماعات مقاطعة إسرائيل".
وتمسكت دول الاتحاد الأوروبي (28 دولة)، في السنوات الأخيرة، بحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وعارضت الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما عارضت تلك الدول قرار الولايات المتحدة اعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ورفضت نقل سفاراتها إلى القدس، على عكس ما فعلته واشنطن في 14 مايو / أيار الماضي.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة منذ عام 1967.
ورأى عنبري أن "المعرفة الإسرائيلية تفيد إسرائيل في مسعاها لإعادة أو إقامة علاقات مع دول إفريقية".
وأردف أن "التكنولوجية الزراعية المتوافرة لدى إسرائيل ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى العديد من الدول الإفريقية، وهي بحاجة إليها".
واستطرد: "تشاد مثلا استفادت كثيرا من التكنولوجيا الإسرائيلية في مجال الزراعة، وهو ما فتح الباب أمام التقارب بين إسرائيل وتشاد".
** فشل رغم اختراقات
غانا هي أول دولة إفريقية تعترف رسميا بإسرائيل، عام 1956، بحسب وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني.
وبحلول أوائل السبعينيات، وفقا للوزارة، كانت إسرائيل تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع 33 دولة إفريقية.
لكن بعيد حرب 1973 بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، وما تلتها من أزمة نفطية عالمية، قطعت معظم الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها بإسرائيل.
وأرجعت الخارجية الإسرائيلية هذه الخطوة الإفريقية إلى وعود قطعتها عليها الدول العربية بتزويدها بالنفط الرخيص والدعم المالي، والانقياد لقرار منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) التي كانت مصر وراء اتخاذه، والذي دعا إلى قطع العلاقات مع إسرائيل.
وأبقت ملاوي وليسوتو وسوازيلاند فقط على علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، في حين حافظت دول إفريقية أخرى على اتصالاتها بإسرائيل من خلال مكاتب تمثيل لها ضمن سفارات أجنبية.
في الثمانينيات بدأت العلاقات الدبلوماسية مع دول جنوب الصحراء الإفريقية تُستأنف تدريجيا، مكتسبة بعض الزخم مع تقدم مفاوضات السلام بين إسرائيل ودول عربية.
وبحلول أواخر التسعينيات كانت العلاقات الرسمية قد استؤنفت مع 39 دولة جنوب الصحراء الكبرى".
وتمتلك إسرائيل سفارات في 10 دول إفريقية من أصل 54، هي: السنغال، مصر، أنغولا، غانا، كوت ديفوار، إثيوبيا، جنوب إفريقيا، نيجيريا، كينيا والكاميرون.
وثمة العديد من السفراء الإسرائيليين غير المقيمين في دول إفريقية.
وتتضمن العلاقات الإسرائيلية ـ الإفريقية، بحسب الخارجية الإسرائيلية، أنشطة عديدة منها: الروابط الاقتصادية والتجارية والثقافية والأكاديمية والتكنولوجية، إضافة إلى مشاريع زراعية مشتركة، ومساعدات طبية، وبرامج التكوين المهني، ومساعدات إنسانية في أوقات الحاجة.
غير أن غياب الأفق السياسي لحل سلمي للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ما زال يحول دون انطلاقة في العلاقة الإسرائيلية ـ الإفريقية.
ومفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل متوقفة منذ أبريل / نيسان 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو / حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين.
وقال عنبري إن "إسرائيل تريد على الأقل تحييد الأفارقة تجاه الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ووقف دعمهم السياسي للفلسطينيين، وهو ما لم تنجح به حتى الآن رغم اختراقات محدودة هنا وهناك".
اضف تعقيب