في إطار ما يجري من تسريبات حول مفاوضات التهدئة بين فصائل المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي، كشف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن حركته تقدمت بمقترح تفعيل الممر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ليكون جزءا من تفاهمات التهدئة.
وقال هنية في اللقاء الذي جمعه مع كتّاب وسياسيين في غزة الثلاثاء الماضي، إن هذا المقترح ما زال في إطار البحث والمشاورات من قبل الطرف الإسرائيلي، ونحن بانتظار الرد النهائي على مطالبنا التي سيبلغنا بها الوسيط المصري خلال المرحلة القادمة.
تعزيز الوحدة الجغرافية
وأوضح هنية أن حماس حريصة على بقاء التواصل الجغرافي بين شطري الوطن، كما تسعى الحركة إلى طمأنة السلطة بأنها لا تقود هذه المفاوضات لإنشاء دولة في غزة، وقطع الطريق أمام أي تسوية سياسية تقودها الإدارة الأمريكية لفصل الضفة عن غزة.
وفي تعليقه على ذلك، أشار الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم إلى أن "حماس وضعت في مباحثاتها مع المصريين عددا من القضايا الوطنية مثل القدس والأسرى وكل ما يهم الشارع الفلسطيني"، مضيفا أن "الحركة لديها محددات تنطلق منها، وهي ألا تؤدي هذه التفاهمات إلى فصل الضفة عن غزة، وبالتالي فإنه يأتي هذا المقترح في إطار تعزيز الربط والتواصل الجغرافي بين شطري الوطن".
وتابع قاسم لـ"عربي21": "مصلحة أهلنا في الضفة حاضرة كما هي مصالح أهلنا في غزة، ولذلك نتطلع إلى استفادة سكان الضفة خلال زيارتهم لغزة أو العكس، من لقاء أقاربهم وذويهم الذين حرمهم الاحتلال من تحقيق هذه الأمنية".
ويعد بروتوكول الممر الآمن بين الضفة وغزة جزءا من اتفاق أوسلو للسلام الموقع بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية في عام 1993، وبدأ العمل به فعليا في العام 1999، ويبلغ طوله أربعة وأربعون كيلومترا، ويسمح من خلاله للفلسطينيين بالمرور بني حاجزين إسرائيليين الأول (ترقوميا) على مشارف مدينة الخليل، والطرف الآخر معبر (إيرز) شمال قطاع غزة.
ويخضع الممر للسيادة الإسرائيلية الكاملة، فهي التي تصدر البطاقات الممغنطة ومدة سريانها عام واحد وتُمنح لمن تتجاوز أعمارهم الـ18، وما دون ذلك يتطلب حضور ولي الأمر أو من ينوب عنه.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم تلتزم بما جاء بهذا البروتكول حيث خضع لإغلاقات متكررة كان أولها في العام 2000 مع اندلاع انتفاضة الأقصى، ثم أعادت افتتاحه في العام 2002، ومع فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006، أغلقت إسرائيل الممر الآمن إلى يومنا هذا.
محددات إسرائيلية
وفي السياق ذاته، يشير أستاذ الأمن القومي إبراهيم حبيب إلى أن هناك محددات "تنطلق منها إسرائيل بشأن تفعيل الممر الآمن من عدمه"، موضحا أن "المنطلق الأول سياسي، وهو قطع أواصل التواصل الجغرافي والسكاني بين الفلسطينيين في الضفة وغزة، وهذا يعزز من مصلحتها بإبقاء الانقسام قائما كسياسة الأمر الواقع".
ويضيف حبيب لـ"عربي21" أن "المحدد الثاني يأتي بتقدير من أجهزة الأمن الإسرائيلي، التي تخشى من أن تستغل فصائل المقاومة هذا الممر لنقل التجربة العسكرية من غزة إلى الضفة أو العكس، وفي حال وافقت إسرائيل على مطالب المقاومة وقامت بتفعيل الممر الآمن، فإنها ستضع الكثير من الشروط التي تحد من هذه المخاطر الأمنية".
واللافت في تصريحات مسؤولي حركة حماس أنهم يشددون على أن "الحركة مصممة على الوحدة الوطنية، وترفض اتهامات تطالها بأنها تتساوق مع المخططات الإسرائيلية لإبقاء الانقسام".
لكن الناطق باسم مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح منير الجاغوب، قلل من قيمة ما تقدمت به حماس لتفعيل الممر الآمن، وقال إن "حماس تروج أنها مصممة على الوحدة الوطنية، ولكن الشواهد على الأرض تنفي هذه الفرضية".
وبرر الجاغوب موقفه بالإشارة إلى أن "حماس منعت سفر عناصر وقيادات حركة فتح لحضور اجتماعات المجلس الوطني العام الماضي، وهذا يتشابه مع العراقيل التي تضعها إسرائيل بوضع قائمة سوداء بالشخصيات الفلسطينية المحظورة من السفر والتنقل"، على حد قوله.
وأكد الجاغوب لـ"عربي21" أن "حركة فتح مع أي خطوة من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية الجغرافية والسكانية بين شطري الوطن، ولكن على حركة حماس أن تعي أن تفعيل العمل بهذا البروتكول يجب أن يتم عبر السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير كونهما صاحبي الشرعية في البت في هذه القضايا المصيرية، وليس من خلال مفاوضات ثنائية بينها وبين إسرائيل".
اضف تعقيب