أثار الارتياح الذي أبدته السلطة الفلسطينية من مخرجات القمة العربية التي عقدت الأحد في القاهرة، وتعهدت خلالها بتقديم دعم مالي للسلطة، تساؤلات حول مدى التزام الدول العربية بهذا الدعم.
وكان وزراء الخارجية العرب أكدوا في بيانهم الختامي تفعيل شبكة الأمان المالية عبر دعم موازنة السلطة بـ100 مليون دولار شهريا.
وتمر السلطة بأزمة مالية خانقة جراء رفضها استلام عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة والمعروفة اختصارا بـ(المقاصة)، بسبب اقت
طاع ما قيمته 138 مليون دولار بحجة دفع السلطة رواتب أسر الشهداء والأسرى.
وتعتمد السلطة على إيرادات المقاصة كمصدر دخل رئيسي في تمويل الموازنة، حيث تقدر إيراداتها الشهرية بنحو 700 مليون شيكل (200 مليون دولار) وتساهم بنحو 65 بالمئة من إيرادات الخزينة العامة، الأمر الذي دفع بالسلطة إلى إقرار خطة الطوارئ المالية وتنفيذ ذلك بدفع نصف رواتب الموظفين العموميين، ووقف التعيينات والترقيات إلى حين انتهاء الأزمة.
ويشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم، إلى أن "تفعيل شبكة الأمان المالية للسلطة قد يكون حلا مؤقتا إلى حين تجاوز هذه المرحلة خلال فترة تمتد من 3 إلى 6 أشهر، ولكن على المدى المتوسط إذا ما استمرت أزمة أموال المقاصة فإن ذلك من شأنه رفع عجز الموازنة من مليار دولار في موازنة العام الحالي إلى 2.2 مليار دولار، نظرا للفروقات بين إيرادات المقاصة الشهرية والدفعات الشهرية من الدول العربية".
ويؤكد الخبير الاقتصادي لـ"عربي21" أن "بيان القمة العربية لم يشر إلى ما إذا كانت شبكة الأمان العربية ستكون منفصلة عن الدعم المالي الذي تقدمه الدول العربية بشكل ثنائي للسلطة والتي تقدر شهريا بـ60 مليون دولار، أم إنه سيضاف إلى المنحة الشهرية للموازنة"، مشيرا إلى أنه في الحالتين سيبقى اعتماد السلطة على المنح الخارجية مرهونا بالمواقف السياسية التي تتأرجح نظرا لمصالح كل دولة على حدة.
ويرجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، رائد نعيرات، أن "تعهد الدول العربية بدعم السلطة ماليا قد تم بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية لمنع أي انهيار محتمل للسلطة بسبب الأزمة التي تمر بها، أو نتيجة الفوضى التي قد تحدث من قبل قطاع الموظفين الذي لا يحتمل تقاضي 50 بالمئة من راتبه لعدة أشهر قادمة".
ويضيف نعيرات لـ"عربي21" أنه "من المرجح أن السلطة قد وقعت بخطأ غير مقصود، وهو الاستعانة بالدول العربية لإنقاذها من الأزمة التي تسببت بها إسرائيل، وهذا يعني قبول السلطة بفكرة التعايش والتأقلم مع أي قرصنة إسرائيلية، لأن البديل المالي بات متوفرا وهو الدول العربية".
أما الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، فلا يستبعد أن "تُخضع الدول العربية السلطة الفلسطينية لابتزاز سياسي بعد أن مدت لها طوق النجاة وأنقذتها من غرق الانهيار، وهذا الموقف يفرض تحديا على السلطة، يتمثل بعدم إبداء أي معارضة سياسية لأي إملاءات أو صفقة محتلة قد توافق عليها الدول العربية تستهدف القضية الفلسطينية، وإعطاء الدول العربية مساحة للتدخل بالشأن الداخلي وتقييم العلاقة مع الفصائل الفلسطينية".
وينوه القرا لـ"عربي21" إلى أن "الدول العربية لم تعد ترى في السلطة عائقا في فتح خطوط اتصال وتواصل مع الطرف الإسرائيلي كما كان الحال عليه قبل عامين، وهذا يعطي إشارة إلى أنه في المرحلة القادمة سيكون المواطن الفلسطيني وحده خط الدفاع الأول والوحيد أمام أي مشروع لتصفية القضية، وهذا يأتي نتيجة تحويل السلطة مشروعها القائم على بناء الدولة واستردادها إلى مشروع رواتب الموظفين".
اضف تعقيب