القدس/عبد الرؤوف أرناؤوط/الأناضول
وزير المواصلات، قال قبل أيام إن الإسرائيليين "يريدون العيش في بلد تحكمه التوراة والشريعة اليهودية"، وهو تصريح عده خبراء مجرد مناورة انتخابية لابتزاز نتنياهو لتحقيق مكاسب للمتدينيين.
-الشيخ كمال الخطيب للأناضول: الأحزاب الدينية ستبتز نتنياهو في حال تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة القادمة باتجاه مكاسب حزبية أو حتى عقائدية.
-استطلاع : 95% من المتدينين اليهود يرفضون فرض الشريعة اليهودية
جدل كبير في الشارع الإسرائيلي، ذلك الذي أثاره وزير المواصلات بتسلئيل سموتريش، عندما قال قبل أيام إن الإسرائيليين "يريدون العيش في بلد تحكمه التوراة والشريعة اليهودية".
ورغم توافق هذا التصريح مع أمنيات جماعات دينية إسرائيلية متشددة، إلا أنه قوبل برفض واسع من المعارضة السياسية بينهم المتدينون أنفسهم، علاوة على استطلاعات أكدت عدم رغبة غالبية الإسرائيليين في تطبيق الشريعة اليهودية حاليا.
وفي نفس الاتجاه ذهب خبراء إلى أن الوزير المنتمي لحزب "البيت اليهودي" الديني، يعلم تماما أن تطبيق الشريعة اليهودية غير ممكن الآن، ولكن تصريحه مجرد مناورة انتخابية ليس أكثر.
ويهدف سموتريش "ابتزاز" رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والضغط عليه لتحقيق مكاسب للمتدينين مقابل مساعدته في تحقيق الاغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة، في انتخابات سبتمبر المقبل، بحسب مراقبين.
وقرر الكنيست، نهاية مايو/ أيار الماضي، حلّ نفسه، والتوجّه إلى انتخابات مُبكرة؛ بعد فشل نتنياهو في حشد الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة، عقب انتخابات أجريت في أبريل/ نيسان الماضي.
في إسرائيل أحزاب علمانية، ودينية، وقومية، وقومية دينية، ورغم أن إسرائيل تعرف نفسها، بموجب قانون القومية، بأنها دولة يهودية فإنها، وفق مراقبين، لم تصل إلى حد القبول بتطبيق الشريعة اليهودية المستمدة من التوراة.
وكان وزير المواصلات الإسرائيلي، قال سموتريش في تدوينة على حسابه في "فيسبوك"، الثلاثاء: "تحدثت في غرفة مليئة بأشخاص من جميع مناحي الحياة الدينية اليهودية وقلت إننا نود جميعًا أن نعيش في بلد تحكمه التوراة والشريعة اليهودية".
ولكنه استدرك: "لكن في نفس الوقت، أكدت على أننا جميعًا نفهم أننا لا نستطيع، ولا نرغب بفرض معتقداتنا على الآخرين، لأننا لا نعيش هنا بمفردنا وعلينا أن نفعل كل ما هو ممكن لإيجاد حلول تراعي الجمهور بأكمله ".
وإثر تلك المنشورات، تعرض سموتريتش لانتقادات واسعة، فكتب رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني افيغدور ليبرمان في "فيسبوك" يقول: "بشكل لا يصدق، نسمع مرة أخرى الوزير سموتريتش يطمح في حكم الشريعة اليهودية، وأنه إذا كان الأمر متروكًا له ولأصدقائه، فسيحل هذا محل القانون الإسرائيلي".
وفي إشارة الى الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في السابع عشر من سبتمبر/أيلول المقبل، أضاف ليبرمان: "لدي أخبار من أجلك، لن تكون هناك حاجة لك للانضمام إلينا لأنه بعد 18 سبتمبر/أيلول، سيتم تشكيل حكومة وحدة ليبرالية بدونك وأي شخص يحاول فرض القانون الديني على البلد".
الصحفي الإسرائيلي المتابع للقضية يوني بن مناحيم، قال للأناضول: "هناك فرق ما بين الأحزاب الدينية وتلك القومية وكذلك القومية ذات الطابع الديني، ولكل منها أهداف تتقاطع كثيرا ولكنها تختلف أيضا خاصة ما يتعلق بالدين".
وأضاف أن الأحزاب الدينية مثل "شاس" و"يهودوت هتوراه" تهتم بالدين وتكرس نفسها له، أما الأحزاب القومية مثل" إسرائيل بيتنا" و"الليكود" فهي ذات توجهات يمينية فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
في حين أن الأحزاب القومية ذات الطابع الديني مثل حزب"إتحاد اليمين" و"البيت اليهودي" فهي ذات توجهات دينية ويمينية "فترفض مثلا الدولة الفلسطينية وتسعى لتطبيق الشريعة اليهودية"، وفق مناحيم.
وعن تصريحات ليبرمان، أشار "بن مناحيم" إلى أنه تعمد إثارة هذا الأمر من أجل تخويف الإسرائيليين، بما في ذلك اليمينيين، من حزب "البيت اليهودي" لأغراض انتخابية.
وأضاف: "ما قاله ليبرمان هو دعاية انتخابية، فهو أراد ان يركب الموجة ضد الأحزاب القومية-الدينية من أجل أن يعزز مواقع حزبه الذي هو يميني قومي".
ووفق "بن مناحيم"، فإنه "عندما تقال كلمة الشريعة اليهودية فهذا يعني تطبيق التوراة، فكل القوانين الدينية موجودة في التوراة سواء المكتوبة او التوراة الشفوية".
وأوضح: "بالنسبة للأحزاب الدينية فإن الأمر الأكثر قداسة هو يوم السبت وهم يسعون من أجل ألا يكون هناك عمل يوم السبت وأن يتم الحفاظ على قدسية وحرمة السبت".
وأكمل: "ولكن حتى تطبيق السبت يختلف من مكان لآخر فهو أكثر صرامة في القدس منه في تل أبيب، مثلا".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن رغبات تطبيق الشريعة اليهودية لا تجد تأييدا حتى في أوساط المتدينين بإسرائيل.
فقد أشار استطلاع نشره الموقع الإلكتروني لقناة المستوطنين "7" (خاصة) ، الأربعاء، إلى أن "95٪ من الجمهور الديني يعارضون الطابع اليهودي لإسرائيل من خلال الإكراه الديني على الأفراد".
فيما أظهر استطلاع حديث أجراه معهد Direkt-Falls (غير حكومي)، أن الغالبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي تعارض الإكراه الديني على الفرد، مقارنة مع 5٪ فقط يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تكون دولة دينية.
وتم إجراء الاستطلاع على عينة تمثيلية من 557 من المشاركين من بين الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم متدينون.
وعلى غير بعيد من نتائج استطلاعات الرأي، يرى الشيخ كمال الخطيب، رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، أن تطبيق الشريعة اليهودية "صعب على الأقل حاليا".
وقال في هذا الصدد، إن "سموتريش" حاول التخفيف من وطأة تصريحه، مشيرا إلى أن تصريحه التوضيحي هو "محاولة للتطمين عشية الانتخابات الإسرائيلية، فهو قال إن هذا ما يريده ولكنه يقر بأنه غير ممكن".
وأضاف: "أعتقد أنه أراد من تصريحه التخفيف من وطأة الحملة التي يقودها ليبرمان الهادفة لتخويف الاسرائيليين من تأثير الأحزاب الدينية الإسرائيلية وخطورة أن تنتج عن الانتخابات حكومة دينية، وباعتباره من اليمين فإن سموتريش يريد أن يخفف من التخوفات علما بأن إسرائيل تعيش فترة دعاية انتخابية".
ويحتاج رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للأحزاب اليمينية من أجل أن يصل لأكثر من 60 صوتا (أكثر من نصف عدد نواب البرلمان البالغ 120) المطلوبة من أجل تشكيل حكومة وهو ما يزيد من خطورة هذه الأحزاب الصغيرة التي لا تخفي ابتزازها لنتنياهو من أجل تحقيق أهدافها.
ولكن نتنياهو أبلغ وفدا من 41 من أعضاء الكونغرس الأمريكي الديمقراطيين، الأربعاء، أن تصريحات سموتريتس هي "هراء مطلق"، حسبما نقل عنه الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الخميس.
وعن ذلك أشار الخطيب إلى أنه "بلا شك فإن هذه المرحلة صعبة، والأحزاب الدينية ستبتز نتنياهو في حال تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة القادمة باتجاه مكاسب حزبية أو حتى عقائدية".
ولكنه استدرك: "لا أعتقد أن تصل الأمور مرة واحدة إلى حد تطبيق الشريعة اليهودية، وعلينا ألا ننسى أن التيار العلماني في إسرائيل قوي ولن يسمح بمثل هذا الأمر".
وتابع: "لا أظن أن هكذا أمر سيتم في المستقبل المنظور".
ومع ذلك فقد أشار الشيخ الخطيب الى أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بدأ في السنوات الأخيرة يأخذ منحى ديني بسبب السياسات اليمينية الإسرائيلية المتشددة.
وقال "منحى الصراع الديني واضح وليس مادة للنقاش سواء بعد إقرار قانون القومية أو عبر استهداف المسجد الأقصى والدعوات العلنية لبناء الهيكل وبالتالي فإن هذا الأمر واضح".
وأضاف الشيخ خطيب "الهوية الدينية في الصراع بدأت تأخذ منحى خطير جدا وبمستوى لم يكن موجودا في الماضي".
اضف تعقيب