نقلا عن عرب ٤٨ - صورة + تقرير
ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى عشرة، فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، شن غارته على مناطق متفرقة من قطاع غزة، والتي بدأها فجر الثلاثاء، باغتيال القائد البارز في "سرايا القدس"، الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، فيما لا تلقى محاولات الوساطة للسيطرة على المشهد ومنع اندلاع حرب جديدة بالقطاع، تجاوبا حتى هذه اللحظة.
وأكدت مصادر دبلوماسية لوسائل إعلام إسرائيلية، أن منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، سيصل إلى القاهرة بهدف التوصل إلى "تهدئة" في غزة، فيما ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجهود الحالية تبذل للضغط على "حماس" بهدف "إخراجها من المواجهة الحالية"، وسط ترجيحات إسرائيلية أن "سيكون من الصعب على حماس فرض تهدئة في قطاع غزة".
وتسببت غارات الاحتلال باستشهاد 10 فلسطينيين من ضمنهم أبو العطا وزوجته أسماء، ومحمد حمودة وزكي غنامة وإبراهيم الضابوس وعبدالله البلبيسي وعبد السلام أحمد، بالإضافة إلى إصابة 30 آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأفادت المصادر بأن أحدث الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت منزلا غير مأهول بالسكان في مدينة خانيونس، جنوبي القطاع، وموقعا عسكريا يتبع للفصائل الفلسطينية، شمال مخيم النصيرات، وسط القطاع، كما استهدفت المقاتلات الإسرائيلية أرضا زراعية في مدينة خانيونس.
فيما ذكر المتحدث العسكري للاحتلال، أن آخر غاراته تمثلت باستهداف الطيران الحربي الإسرائيلي ناشطين في حركة الجهاد الإسلامي، شمالي القطاع المحاصر، بزعم أنهما كانا يستعدان لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه إسرائيل.
وهدد الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، "سرايا القدس"، مساء اليوم الثلاثاء، بمواصلة إطلاق القذائق على المناطق المحيطة بقطاع غزة المحاصر، مشددا على أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ العدوان، ولن يستطيعوا معرفة نهايته.
وفي كلمة متلفزة، للناطق باسم "سرايا القدس"، أبو حمزة، ألقاها في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم، قال "من المؤكد والمحسوم أن الساعات القادمة ستضيف عنوانًا جديدًا إلى سجل رئيس الوزراء الأرعن الذي لم يجلب للصهاينة سوى الدمار والخراب".
في المقابل، أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية، تقديرات الجيش الإسرائيلية التي تشير إلى أن جولة التصعيد لم تنته بعد، وسط توقعات بأن يتم إطلاق كثيف للقذائف من القطاع باتجاه إسرائيل في ساعات الليل.
وأكد الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، مصعب البريم، "الساعات القادمة ستحدث نفسها وستشفى صدور أبناء شعبنا"، مشددا على أن "الميدان هو الذي يتحدث في هذه الجولة مع الاحتلال"، وأضاف "الرد على جريمة الاحتلال ليس محط نقاش وطني وما تقوم به حركة الجهاد الإسلامي ترجمة للإجماع"، وطالب "كل مكونات الشعب الفلسطيني مطالبة بدعم كل خطوة من خطوات المقاومة الفلسطينية".
في المقابل، أعلن الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، "سرايا القدس"، استهداف تجمع للجنود الإسرائيليين، شرق قطاع غزة، بقذائف الهاون. وقالت السرايا، في بيان إن وحدة المدفعية التابعة لها تمكنت في تمام الساعة 15:00 من إطلاق عدد كبير من قذائف الهاون باتجاه تجمع للجنود الإسرائيليين خلف موقع "أبو مطيبق" العسكري، شرق مدينة رفح، جنوبي القطاع.
وأضافت: "أكد مجاهدونا وقوع إصابات في صفوف جنود الاحتلال، وشوهدت طائرات العدو وهي تهبط في المكان". وتابعت "سرايا القدس" في بيانها، إن "هذه العملية الجهادية تأتي لنؤكد على حق المقاومة في التصدي لأي عدوان صهيوني ضد أبناء شعبنا".
بدوره، صرّح المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فوزي برهوم، أن المقاومة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي إذا وسع الاحتلال جرائمه، وقال برهوم في تصريحات لقناة "الأقصى" الفضائية، إنه "لا مانع بأن تتدخل أي جهة، للجم العدوان الاسرائيلي عن قطاع غزة".
وذكرت حركة "حماس" أن "حالة الالتفاف الشعبي حول المقاومة وخياراتها، والإسناد الجماهيري المتواصل لها، واحدة من أهم مقومات صمود المقاومة، وقدرتها على إنجاز هذه الردود القوية على جرائم الاحتلال ولجم عدوانه".
حالة الالتفاف الشعبي حول المقاومة وخياراتها، والإسناد الجماهيري المتواصل لها، واحدة من أهم مقومات صمود المقاومة، وقدرتها على إنجاز هذه الردود القوية على جرائم الاحتلال ولجم عدوانه
.
وأضافت على لسان المتحدث باسمها، حازم قاسم في تغريدة عبر على موقع "تويتر" أنه "لن نسمح للاحتلال، عبر عدوانه على قطاع غزة، بتعطيل أي مسار وطني لترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بما يؤسس لمشاركة كل المكونات في قيادة الحالة الفلسطينية".
وتزامنت جريمة الاحتلال باغتيال أبو العطا، مع استهداف منزل عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الحاج أكرم العجوري، في العاصمة السورية دمشق، وأعلنت الحركة عن استشهاد فلسطينييْن اثنين، في الغارة الإسرائيلية.
وقالت الحركة في بيان، "ننعى الشهيد معاذ أكرم العجوري (نجل القيادي بالحركة)، والشهيد عبد الله يوسف حسن"، وتابعت الحركة إن الشهيديْن سقطا "في القصف الصهيوني الغادر الذي استهدف منزل الحاج أكرم العجوري في دمشق".
إردان: مخاوف إسرائيلية من عمليات بحرية أو جوية للجهاد
وفي تصريحات صدرت عنه، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، إن هناك مخاوف إسرائيلية من إقدام حركة الجهاد الإسلامي على تنفيذ عملية عبر الجو أو البحر، ولذلك رفعنا مستوى الجاهزية إلى أعلى المستويات، لكل حدث ممكن".
وذكر وزير الطاقة الإسرائيلي، عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (كابينيت)، يوفال شطاينيتس، إن اغتيال أبو عطى مثل كذلك رسالة إلى حركة "حماس" مفادها أنه لا تبادروا إلى مهاجمتنا، مشددا على أن الجيش الإسرائيلي مستعد لكل السيناريوهات، وعندما سئل عن إمكانية التصعيد في غزة قال: "لا نستبعد أي احتمال، ردنا كان قويا ودروسا حتى الآن. كل شيء مطروح على الطاولة".
فيما ذكرت القناة 13 في التلفزيون الإسرائيلي، نقلا عن مصدرين في الكابينيت، إن مستشار الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، مئير بن شبات، قال خلال اجتماع الكابينيت أن حركة حماس نقلت للحكومة الإسرائيلية عبر الوسيط المصري أنها "غير معنية بالتصعيد".
فيما صرّح الوزير يوءاف غالانت (جنرال في الاحتياط)، للقناة 12، أن الجيش الإسرائيلي سيواصل استخدام كل الوسائل المتاحة ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة، بما في ذلك سياسة الاغتيالات لقادة الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة.
من جانبه، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عصر اليوم، عن حالة طوارئ في منطقة تبعد عن قطاع غزة من 0 إلى 80 كيلومترا، وتشمل هذه المنطقة جنوب ووسط البلاد كله، وبضمنها مدينة تل أبيب، وذلك في أعقاب استمرار إطلاق قذائف صاروخية من القطاع ردا على اغتيال القيادي العسكري في الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، بهاء أبو العطا.
وقال بينيت، الذي بدأ مهامه كوزير للأمن اليوم، إن الإعلان عن حالة الطوارئ هذه تستمر 48 ساعة، إلا إذا ألغيت من جانب الحكومة الإسرائيلية أو وزير الأمن قبل انتهاء هذه الفترة، وأنه بإمكان بينيت تمديد فترة الطوارئ بعد مصادقة الحكومة عليها.
وفي هذه الأثناء، ذكرت وسائل إعلام أن الجيش الإسرائيلي أعلن عصر اليوم، عن استدعاء محدود لجنود احتياط إلى الخدمة في الدفاعات الجوية والجبهة الداخلية. كذلك عززت فرقة غزة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي قواتها، تحسبا من تسلل مقاتلين من غزة وتنفيذ عمليات داخل إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قرابة 190 قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، واعترضت صواريخ "القبة الحديدية"، بحسب الجيش الإسرائيلي، أكثر من 90% من هذه القذائف الصاروخية التي أطلقت باتجاه مناطق مأهولة. وزعم أيضًا أن 50% من القذائف سقطت في مناطق مفتوحة، لكنه طالب المواطنين الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية في الجيش.
ودوت صفارات الإنذار في مناطق واقعة بين حدود القطاع ومدينة تل أبيب شمالا، وفي مستوطنة موديعين شمالي القدس المحتلة. كما تم تعليق الدوام الدراسي والعمل في هذه المنطقة الواسعة والحيوية في إسرائيل.
كما تم الإعلان عن تعليق الدوام الدراسي، يوم غد الأربعاء، من تل أبيب جنوبا بما في ذلك في "ريشون ليتسيون" و"رمات غان"؛ وذلك بعد أن كانت وزارة التعليم قد أعلنت أنها ستبحث تعليق الدراسة من عدمها صباحا، بما يتناسب مع تطور الأحداث، وسط ترجيحات بأن يتم الإعلان الرسمي لاحقًا، عن تعليق الدراسة كذلك في منطقة تل أبيب (غوش دان).
وتم إغلاق العديد من الطرق والشوارع الرئيسية التي تؤدي إلى المناطق الجنوبية، منها شارع رقم 4 المتجه جنوبا بدء من مفرق "زيكيم"، وشارع رقم 25 المتجه غربا من مفرق "نيتيفوت"، وشارع رقم 34 من "ياد مورداخاي" المتجه إلى "سديروت" في كلا الاتجاهين، وشارع رقم 232 من مفرق "غابيم" المتجه غربا.
وأفادت المصادر الطبية بإصابة 46 إسرائيليا منذ ساعات صباح اليوم، موضحة أن 20 مصابا وصفت جراحهم بـ"الطفيفة"، فيما ذُكر أن 14 إسرائيليا أصيبوا بالهلع.
"الجهاد" ترفض وساطات التهدئة قبل "الرد الكامل"
وعلى صلة، ذكرت تقارير صحافية أن هناك أزمة كبيرة في تواصل المسؤولين بجهاز المخابرات العامة المصري المكلف بإدارة الملف الفلسطيني مع قيادة حركة الجهاد، لبحث تبعات الخطوة الإسرائيلية، مضيفة أن مسؤولا كبيرا بالحركة أبلغ الجانب المصري، صباح اليوم، بأنه لا حديث عن أي تفاهمات أو اتصالات مع أي طرف قبل أن تنفذ الحركة "ردها الكامل" على جرائم الاحتلال.
ونقلت "العربي الجديد" عن مصادر "مصرية خاصة"، أن "التصرف الإسرائيلي الأخير بالإقدام على اغتيال أبو العطا له معنيان؛ أولهما هو رغبة إسرائيل في معرفة مدى التطور والقوة التي وصلت لها فصائل المقاومة، وبالتحديد الجهاد التي ترتبط بعلاقات قوية مع إيران، بالإضافة إلى الضغط على الداخل للتسريع في عملية تشكيل الحكومة الجديدة في تل أبيب".
وأضافت المصادر أن "المسؤولين في الجهاز تواصلوا مع قيادة حركة حماس، للتدخل وإقناع قيادة حركة الجهاد بعدم التصعيد للدرجة التي لا يمكن معها العودة للتفاهمات أو الهدوء"، موضحة "على الرغم من تجريم حماس للفعل الإسرائيلي الأخير إلا أنها متجاوبة مع الجانب المصري".
في حين قالت المصادر الفلسطينية إن "الضربة الأخيرة تجعل الدور المصري على المحك مستقبلا، إذ إن أبو العطا كان في القاهرة منذ فترة قصيرة للغاية ضمن وفد من الحركة، وبحث مع مصر تأمين الشريط الحدودي والتهدئة مع الاحتلال، وعدم إشعال الوضع في غزة لصالح أطراف إقليمية".
وذكرت المصادر أن "اتهامات تدور في أوساط المقاتلين في سرايا القدس للمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، واحتمالية إمداده الموساد الإسرائيلي بمعلومات حساسة عن الحركة وقادتها في ضوء العلاقات المتميزة بين الجانبين، وفي أعقاب استجواب مصر لأعضاء بالسرايا والحركة كانوا محتجزين لديها، وأطلقت سراحهم أخيرا بعد زيارة وفد الحركة الشهر الماضي".
تعزيز القوات بمحيط غزة
وقالت هيئة البث الإسرائيلي (كان)، إن الجيش عزز قواته في محيط قطاع غزة، ويستعد لعدة "سيناريوهات هجومية ودفاعية".
وأضافت "تم إغلاق عدة طرق متاخمة لقطاع غزة، أمام حركة السير وعدة أماكن أمام الزوار، كما تم إيقاف حركة القطارات بين عسقلان وسديروت، كما تم تعطيل الدراسة بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة في مدن الجنوب الرئيسية بما في ذلك بئر السبع وعسقلان ورهط وبلدة اللقية".
حالة الطوارئ في غزة
وقررت قيادة الحكومة التي تديرها حركة حماس بغزة، "إخلاء كافة المقرات الحكومية والمقدرات الهامة والمركبات مع إخلاء كافة الموقوفين في السجون".
وفي هذا السياق، قال المكتب الإعلام الحكومي في غزة، "بناء على جريمة الاحتلال فجر هذا اليوم، واستمرار عدوانه على أبناء شعبنا؛ سيتم العمل وفق نظام الطوارئ في كافة المقرات الحكومية وتعليق الدوام المدرسي حتى إشعار آخر".
بدوره، قال الناطق باسم وزارة الداخلية، بغزة، في بيان، "تُتابع وزارة الداخلية والأمن الوطني تداعيات استهداف الاحتلال الإسرائيلي لأحد قادة المقاومة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة فجر اليوم الثلاثاء، وقد اتخذت الأجهزة الأمنية والشرطة التدابير اللازمة".
إغلاق البحر ومعبر "أبو سالم"
من جانبه، قال مسؤول تنسيق دخول البضائع لقطاع غزة، رائد فتوح، في تصريح صحافي مقتضب، إن إسرائيل أبلغت الجانب الفلسطيني، بقرارها إغلاق معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع.
كما أغلق الجيش الإسرائيلي بحر قطاع غزة بشكل كامل، أما صيادي الأسماك، حتّى إشعار آخر.
وقال نزار عياش، نقيب الصيادين الفلسطينيين إنه "تم إبلاغنا من وزارة الزراعة، وجهاز الارتباط المدني الفلسطيني (جهة التواصل مع الجانب الإسرائيلي)، بأن إسرائيل أغلقت البحر كاملا".
اضف تعقيب