الحلقة الثامنة من تحركات سياسية .. بين قرار الحركة الإسلامية بتجميد الانتخابات الداخلية إلى 2022 وبين الرؤية السياسية ووصية المؤسس
الحلقة الثامنة من تحركات سياسية .. بين قرار الحركة الإسلامية بتجميد الانتخابات الداخلية إلى 2022 وبين الرؤية السياسية ووصية المؤسس
ما كان في الحلقة السابعة – السابقة
لكن وعلى ما يبدو أن هذا المشروع أصبح مرهونا بموقف وقرار الحركة الإسلامية . إذ أنهم عازمون على التوجه الى الحركة الإسلامية بوثيقة تحمل توقيعات شخصيات سياسية قيادية من عائلات عديدة من هذا البلد وفي مقدمتهم شخصيات سياسية قيادية من عائلة عيسى . كما وأكدت مصادر أنهم سيطالبون من الحركة الإسلامية أن تفتح باب الترشح بين أبناءها للانتخابات القادمة . مع العلم أن الحركة الإسلامية قد أخذت على نفسها موثقا بان القرار لقيادة تحالف الأمانة والعدالة سيكون من خلال مركبات الأمانة والعدالة والتي هي جزء منها . أي أن دار الأرقم لن تكون من تصدر المرشح القادم 2023 . لأنها تعلم جيدا ومن اجل المحافظة على هذا التحالف القوي عليها الانصهار داخله وليس قيادته .
هذا التحرك هو بمثابة غشاء جاء ليغطي على ما يحدث في تحالف الشراكة " إن كان قائما " في الأصل . وخاصة الارتباك الذي يحيط الساحة السياسية في عائلة عيسى . حيث تشهد الساحة السياسية في عائلة عيسى نوع من " الخوف السياسي" في اتخاذ أي قرار سياسي قبل معرفة أسرار " الصندوق الأسود " لتحالف الأمانة والعدالة .
ومع هذا فان الضبابية الكلية ما زالت تخيم على المشهد السياسي خاصة انه ما زال في هذا المشهد لاعب تعزيز واحد ووحيد .
الحلقة الثامنة ...
بداية لا بد من التأكيد أنه عند الحديث عن الحركة الإسلامية فنحن نتحدث عن مشروع إسلامي دعوي سياسي . فرغم مضي قرابة القرن على تأسيس جماعة الإخوان وهي رأس الحربة في المشروع الإسلامي وقد نشأت كرد فعل على سقوط دولة الخلافة، ورغم أنها تمكنت من الوصول إلى سدة الحكم عدة مرات آخرها في مصر .إلا أنها لم تهيئ نفسها لمرحلة الدولة كما هو واضح وبقيت تراوح في مرحلة الدعوة، إذ أنها لم تحسم كثيرا من القضايا الفكرية المتعلقة بإدارة الدولة مثل: الموقف من التعددية السياسية، وهل تقبل بوجود الشيوعي أو العلماني أو المسيحي في اطار سياسي مشترك مثلا؟ وهل تقبل المواطنة تحت حكم الدولة اليهودية وتقبل التعايش معهم ؟ وما الموقف من استخدام الوسائل المتاحة في الوصول إلى السلطة ؟
كل هذا وغيره من التحديات الفكرية التي يعد غياب الإجابة الواضحة عنها، خير دليل على غياب الرؤية الإستراتيجية سابقا ، لكن فضيلة المؤسس – رحمه الله – الشيخ عبدالله نمر درويش وجد ضالته وكان يقظا لها منذ سنوات الثمانينات , فهو صاحب الفراسة القوية والرؤية البعيدة .
فقد استطاع ان يغوص في بحر هذه التحديات جميعا وان يستنبط منها أصولا جديدة تتماشى مع تحديات العصر والظروف السياسية مع المحافظة على المشروع الإسلامي . والذي جعل الحركة الإسلامية تمتلك رؤية أو مقاربة للتعامل معها في أرض الواقع وداخل دولة اسرائيل .
ولعل قائلاً يقول إن التخطيط والتنظيم لدى الحركة الإسلامية في كفرقاسم من أكثر الجوانب تقدماً، وهذا قد يكون صحيحاً، وحيثما وجد فهو في إطار أقل من الرؤية الإستراتيجية. فمعظم الخطط تعالج شؤوناً محلية، وهنا كانت بداية المؤسس في الإطار التنفيذي المرحلي، فولدت فكرت المشاركة السياسية في العام 86 بهيئة الأعضاء في السلطة المحلية . ولكن الفكرة هنا، اتخاذ القرار والحسم في المشاركة السياسية، مؤشر واضح على الرؤية الإستراتيجية لفضيلة المؤسس رحمه الله . وقد رأينا ثمارها حتى العام 1996 . حيث وصلت إلى قمة الهرم بالمشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية ... وهنا كانت " نشوة الاطمئنان" للمؤسس حيث قالها أمامي واذكرها شخصيا " اليوم استطيع القول إنني مطمئن على مستقبل الحركة الإسلامية من الملاحقات السياسية . وهمه الكبير كان أبناء المدن الساحلية المختلطة .
بني الحصن ووضعت القواعد في إطار ما يسمى " بفكر المؤسس الوسطي " مع العلم انه كان هناك العديد من العثرات , لكنه كان دائما يقول " السفينة التي لا تُخرق ستغرق يوما ما , فالخرق في السفينة على يد احد ركابها هو من يُقظ أصحابها " .
2008 كانت عثرة للمشروع السياسي حيث غابت الرؤية السياسية والإستراتيجية ووضع فكر الشيخ جانبا ... 2013 كانت العودة لهذا المشروع والذي اتخذ فيه المؤسس إستراتيجية جديدة من خلال ميثاق واضح وعلني " الحركة الإسلامية جزء من تحالف وليست التحالف , ومرشح التحالف للدورات القادمة لن يخرج من دار الأرقم كما سبق . هذا القرار الاستراتيجي دفع عائلات كفرقاسم للانضمام تحت مضلته وأقيم اكبر تحالف سياسي في مدينة كفرقاسم منذ تأسيس المشروع السياسي في هذه البلدة وقد نجحت الرؤية مرة أخرى في انتخابات 2018 واطلق عليها رحمه الله " حاله سياسية " .
واليوم تسعى بعض الأقطاب السياسية في المدينة إلى إعادة " الكرة " إلى ملعب الحركة الإسلامية . لكن إذا اعتمدت هذه الرؤية الإستراتيجية ( الدخيلة ) , فإنها ستنعكس عليها بالخلافات وبتشقق في وحدة الصف . وفق بعض المحللين السياسيين
سبحان الله ... بالأمس طالبوا عدم تدخل الحركة الإسلامية في القرار , وانه لا يصح أن تكون الحركة الإسلامية هي من تفرز مرشح الرئاسة ... ونزولا عند رغبتهم لبت الحركة الإسلامية طلبهم من خلال قرار المؤسس في العام 2013 . وبالفعل في الانتخابات التي أجريت في 2018 لم تقرر الحركة الإسلامية بل " بايعت " مرشح تحالف الأمانة والعدالة المحامي عادل بدير .
واليوم بقدرة قادر نفس الأصوات والشخصيات تعود لتطالب الحركة الإسلامية أن تأخذ دورها ومكانتها في اتخاذ القرار وفرز مرشح دورة 2023 . يا لسخرية السياسة ..
المراهنة اليوم على قرار الحركة الإسلامية , والعمل على إجراء انتخابات تمهيدية في الحركة الإسلامية ولمجلس الشورى .. مع العلم ومن مصادر قيادية في الحركة الإسلامية انه لن يكون هناك أي انتخابات تمهيدية ولا لمجلس الشورى الا في العام 2022 . وان الحركة الإسلامية ليست أداة لبعض الهواة السياسيين , وان الحركة الإسلامية لها نهجها وفكرها السياسي منبعه مؤسس الحركة فضيلة المرحوم الشيخ عبدالله نمر درويش . بنفس الرؤية وعلى خطى إستراتيجيته . ( على حد قولهم ) .
وأظن أننا لو استطردنا في التدليل على الرؤية الإستراتيجية، وتعداد مظاهرها واستغرقنا في ذلك فسنحتاج إلى صفحات كثيرة وأوقات طويلة.
لكن السؤال الأهم لقيادات الحركة الإسلامية في كفرقاسم ما الذي يرونه في الرؤية الإستراتيجية التي ينبغي أن تكون؟ وأين يفترض أن يوجهوا البوصلة ؟
الى اللقاء في الحلقة التاسعة
اضف تعقيب