شكل تسليم الحكومة التركية نسخة إلكترونية من الأرشيف العثماني الخاص بسجلات "الطابو" (ملكية الأرض) إلى الجانب الفلسطيني خطوة مهمة في الصراع على الأرض بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت صحف عبرية أن الخطوة "زيادة في التدخل التركي بالشأن الإسرائيلي"، منوهة إلى أن الأرشيف يطعن في "امتلاك إسرائيل للأراضي وخاصة في القدس والضفة الغربية".
36 ألف صفحة في 288 سجلا تضم آلاف البيانات الخاصة بتسجيل الأراضي الفلسطينية منذ زمن الدولة العثمانية، باتت بيد الفلسطينيين.
والعام الماضي، سلمت تركيا للسلطة الفلسطينية، نسخة من الأرشيف العثماني الذي يضم عشرات الآلاف من وثائق التسجيل العقاري، في أراضي الإمبراطورية العثمانية، التي حكمت فلسطين في الأعوام ما بين 1516 و1917.
اقرأ أيضا: صحيفة عبرية: تركيا تسلم السلطة نسخة من الأرشيف العثماني
ويحفظ الأرشيف إلكترونيا، في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية– بيت المقدس (ميثاق)، في بلدة أبو ديس، شرقي القدس المحتلة.
ويفصل المؤسسة عن مدينة القدس جدار الفصل الإسرائيلي، ومن على شرفتها تُرى قبة الصخرة بالمسجد الأقصى المبارك.
وتشير لافتات علقت على ممرات المؤسسة إلى تعاون كبير بين المؤسسة والحكومة التركية، حيث قدمت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) خزائن خاصة لحفظ الأرشيف، وأجريت أعمال ترميم على مباني المؤسسة.
لكن الفلسطينيين يرون أن تزويدهم بالأرشيف العثماني هو التعاون الأهم والأكبر، الذي من شأنه أن يحفظ أراضي فلسطينية تهددها إسرائيل بالمصادرة لصالح المستوطنات.
ويشمل الأرشيف العثماني المحفوظ في المؤسسة، الأراضي الفلسطينية المسجلة في الحقبة العثمانية في فلسطين.
ويمثل الاستيطان الإسرائيلي، خطرا كبيرا على الضفة الغربية المحتلة، حيث إنه يلتهم مساحات شاسعة من أراضيها.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن نحو 640 ألف مستوطن يعيشون في الضفة بما فيها مدينة القدس (تضم نحو 220 ألف مستوطن).
إثبات ملكية الأرض
مسؤول الوثائق العثمانية في مؤسسة "ميثاق" مراد أبو صبح، قال لوكالة الأناضول، إن "الأرشيف الفلسطيني تعرض للضياع بسبب ما تعرضت له فلسطين من انتداب بريطاني، واحتلال إسرائيلي، وتهجير للسكان".
وأضاف: "إسرائيل تستنزف الأرض الفلسطينية بدعوى أنها أملاك غائبين، أو تدعي أنها ملكية لأفراد وجمعيات يهودية".
وتابع "الأرشيف العثماني طوق نجاة لإثبات ملكيات الأراضي والعقارات".
ويشمل الأرشيف الذي سلمته تركيا للسلطة الفلسطينية، سجلات "الطابو" خلال الفترة ما قبل العام 1917.
وذكر أبو صبح، أن "الوثائق سرية، وتعطى لأصحاب الشأن بعد مخاطبة المؤسسة من الجهات الفلسطينية المختصة، كسلطة الأراضي، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان".
ولفت إلى أن "الوثائق مكتوبة باللغة العثمانية، وتتم عملية ترجمتها من قبل مختصين فلسطينيين".
وأبو صبح، تعلم اللغة العثمانية من خلال دورات متخصصة مع جهات تركية حكومية.
تعاون تركي كبير
من جانبه، أشار رئيس مؤسسة "ميثاق" التابعة لوزارة الأوقاف الفلسطينية، خليل الرفاعي، إلى أن هناك تعاونا كبيرا بين المؤسسات التركية المختلفة ومؤسسته.
وقال: "تركيا تضخ لنا بشكل سلسل كل ما نريد"، موضحا أن الهدف الأول للأرشيف هو البحث العلمي.
وأكد أن مؤسسته تبذل مساعي حثيثة في كل الاتجاهات لمنع تهويد القدس وتزييف الحقائق، مشددا على أنه لا يجوز للمحتل أن يغير الواقع، والأرشيف العثماني هو سلاحنا لإثبات الحق.
وأضاف: "إسرائيل لديها وثائق تثبت ملكيتنا للأراضي موجودة في مكتبتها الوطنية (..) كل الوثائق الفلسطينية استولت عليها إسرائيل".
ولفت إلى أن الحكومة التركية سلمت لفلسطين الأرشيف بتوجيه من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
اقرأ أيضا: باحث: إسرائيل سرقت 3 ملايين وثيقة مقدسية من الأرشيف العثماني
وقال الرفاعي: "لا مبرر للإثارة الإسرائيلية لموضوع الأرشيف العثماني، فمن يعمل قانونيا لا يخشى مثل هذه الوثائق".
وأشار إلى أن المواطن الفلسطيني كان إذا أراد توثيق أرضه يسافر إلى تركيا للحصول على وثائقها، لكن اليوم بات بإمكانه الحصول عليها من الضفة الغربية.
مخاوف الاحتلال
صحيفة "يسرائيل هيوم"، في تقرير لها، مؤخرا، سلطت الضوء على مخاوف إسرائيل من الخطوة التركية.
وقالت الصحيفة، إن "تركيا تساعد الفلسطينيين في إثبات أحقيتهم بأراض تحتلها إسرائيل لاسيما بالقدس والضفة الغربية من خلال تزويدهم بالأرشيف العثماني".
وكتب الصحفي "نداف شرغاي"، في الصحيفة تقريرا تحت عنوان "بقيادة أردوغان.. تدخل تركيا في إسرائيل يتوسع".
وكشف "شرغاي" أن المحامين التابعين للسلطة الفلسطينية يستخدمون مواد الأرشيف العثماني، للطعن في امتلاك إسرائيل للأراضي في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في القدس والضفة الغربية.
مؤسسة غنية بالوثائق
ومؤسسة "ميثاق" غنية بالوثائق القديمة، وتحتوي على الآلاف من الكتب القديمة، والمخطوطات، والوثائق.
وعلى قدم وساق تعمل المؤسسة على إنقاذ الوثائق المعرضة للتلف وتعيد إحياءها.
وتتولى هذه المهمة أسمهان دحيدل، مديرة الصيانة في المؤسسة، إلى جانب فريق مختص بأعمال معالجة الوثائق القديمة.
وتقول دحيدل لمراسل الأناضول، وهي تعالج وثيقة عمرها 200 عام: "هنا تجري عملية إعادة بث الحياة من جديد للوثائق، نستخدم أسلوبا علميا، ومواد طبيعية لمعالجة الوثائق".
اضف تعقيب