مع تفاقم الأزمة السياسية الإسرائيلية الداخلية، وعدم مقدرة أي حزب أو تكتل داخل الكنيست على تشكيل حكومة جديدة، تسلط "عربي21" الضوء على السيناريوهات المتوقعة لتشكيل حكومة الاحتلال المقبلة ودور "القائمة المشتركة".
وأظهرت النتائج النهائية تقدم حزب "الليكود" في انتخابات الكنيست الـ23، بحصوله على 36 مقعدا، وحزب "أزرق أبيض" على 33 مقعدا، والمشتركة على 15 مقعدا، وحزب "شاس" اليميني المتدين برئاسة أرييه درعي على 9 مقاعد.
وحصل تحالف "العمل-جيشير-ميرتس" اليساري برئاسة عمير بيرتس على 7 مقاعد، وحزب "يهدوت هتوراه" المتدين برئاسة يعقوب ليتسمان على 7 مقاعد، وتحالف "يمينا" المتشدد برئاسة نفتالي بينيت على 6 مقاعد، وحزب "إسرائيل بيتينا" برئاسة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد. ويتبين من توزيع المقاعد، أن كتلة اليمين حصلت على 58 مقعدا ومعسكر اليسار على 40 مقعدا.
عن السيناريوهات المتوقعة للحكومة الإسرائيلية القادمة، قدّر الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "السيناريو الأقرب في ظل الظروف الحالية الي يرتبط بها عدد كبير من العوامل التي لم تحسم بعد، هو العودة إلى الانتخابات مرة أخرى".
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: العرب ينتقمون من نتنياهو بالتحالف مع خصومه
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "في حال لم تنجح كتلة اليمين المتطرف التي حصلت على 58 مقعدا في الكنيست، في سرقة عدد من النواب في القوائم الأخرى، فإنها سيتبذل جهودا مختلفة لتغيير النتيجة، ومن الآن بدأوا يحتجون على النتائج ويطلقون التهم بتزييف الانتخابات، في محاولة لعرقلة تمديد أكبر ما يمكن للفترة التي يكون فيها نتنياهو رئيسا للحكومة، وبذلك يستغل منصبة لتغيير النتائج ويعرقل إمكانية تشكيل الحكومة".
وفي حال ذهبت "إسرائيل" إلى انتخابات رابعة، فهذا يعني بحسب مجلي، أن "نتنياهو سيبقى رئيسا للحكومة إلى ما بعد تلك الانتخابات، وكما يبدو فإن هذا هو التوجه عندهم".
ونوه الخبير إلى أنه "في المقابل هناك أكثرية 62 مقعدا لمعسكر آخر؛ يمكن أن نسميه معسكر "أعداء نتنياهو"، ولكن هذا المعسكر مشتت وغير منسجم في الكثير من الأمور، فمثلا؛ غانتس يقود حزب الجنرالات (أزرق-أبيض)، ولديه 33 مقعدا ومعه تحالف اليسار الصهيوني (العمل- جيشير مع يرتس) بـ7 مقاعد".
حكومة صغيرة مؤقتة
وأضاف: "هناك أيضا "القائمة المشتركة" التي تضم الأحزاب العربية؛ الوطنية والإسلامية، والتي ارتفعت من 13 مقعدا في الانتخابات السابقة إلى 15 مقعدا، وكان هذا مكسبا كبيرا للغاية، وهناك أيضا حزب ليبرمان الذي هبط من 8 إلى 7 مقاعد"، منوها إلى أن "المشتركة وليبرمان أعلنا أنهما لا يمكن التعايش معا، كما أن المجتمع الفلسطيني واليهودي لم تنضج لديهما فكرة التحالف معا في حكومة واحدة".
وأكد أن "لدى الأحزاب العربية موقفا سياسيا حازما واضحا، وهي تعتبر نفسها جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وبالتالي لا يمكن مثلا أن تؤيد الحرب على غزة، وهذا يعرقل أن تكون جزءا من ائتلاف حكومي، أو حتى داعما له من الخارج، كما أن حزب الجنرالات وهو حزب المؤسسة العسكرية في إسرائيل، لن يقبل بأن يضع قربته في يد حزب عربي، كما أن ليبرمان لا يعتبر أن القائمة المشتركة شرعية، وهو معاد لها منذ الأزل، وبالتالي فإن من الصعب عليه التعايش معها في إطار واحد".
اقرأ أيضا: "نيويورك تايمز": القائمة المشتركة منعت نتنياهو من الأغلبية
ولفت مجلي، إلى وجود جهود لـ"إقامة حكومة صغيرة مؤقتة تضم حزب العمل وتحالفه اليساري مع "أزرق-أبيض"، مسنودة من الخارج من ليبرمان والمشتركة؛ بشرط أن يتم اتخاذ قرارات جوهرية إلى حين تفكك تكتل اليمين وجلب حزب أو أكثر إلى الائتلاف الحكومي، وهذه إمكانية قائمة، لأن المشتركة تريد أن تسقط حكومة نتنياهو؛ التي تعتبر حكومة عدوان شرس وتهويد خطير للأرض الفلسطينية، ولذلك يجب أن تذهب".
ونبه الخبير، إلى أن هذا السيناريو "يجري الحديث عنه الآن كبالون اختبار، لفحص كيف ستكون ردود الفعل عليه في الشارع الإسرائيلي"، مؤكدا أنه "لا يوجد في إسرائيل في هذه المرحلة، حسم في أي اتجاه".
من جانبه، رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي إبراهيم أبو جابر، أن "السيناريو الأقوى حاليا خاصة بعدما حسم ليبرمان موقفه بأنه لن يجلس في حكومة برئاسة نتنياهو، وهو ما يتم تداوله، أن هناك توجها لإقامة حكومة أقلية من تحالف "أزرق-أبيض" بدعم خارجي وشبكة أمان من حزب "إسرائيل بيتنا" و"القائمة المشتركة" من الخارج".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الأحزاب تقوم بصياغة مشروع قانون سيعرض على الكنيست، يمنع بموجبه تولي أي شخص متهم بملفات جنائية من تشكيل الحكومة؛ وهذا يعني منع نتنياهو قانونيا من تشكيل الحكومة"، لافتا إلى أن "نتنياهو في هذه الحالة، سيذهب مع الليكود إلى المحكمة العليا، ويتوقع هنا أن تلغي وتفشل المحكمة هذا القانون، لأن من صوت لنتنياهو هم مجموعة كبيرة من الجمهور الإسرائيلي".
وفي حال فشل الجنرال غانتس زعيم "أزرق-أبيض" في تشكيل تلك الحكومة، ذكر أبو جابر، أن السيناريو الآخر، أن "يتمكن نتنياهو من سحب 3 أعضاء من حزب العمل و"أزرق-أبيض"، كما أن هناك فرصة تبدو ضعيفة لتشكيل حكومة أقلية أخرى، وإذا فشل نتنياهو، فهذا يعني ذهاب إسرائيل نحو انتخابات رابعة".
دور "القائمة المشتركة"
وحول دور "القائمة المشتركة" في تشكيل حكومة الاحتلال المقبلة، أكد النائب العربي بالكنيست الإسرائيلي عن "القائمة المشتركة"، سعيد الخرومي، أن "إسرائيل تعيش مأزقا سياسيا عميقا، لم يحدث فيها منذ عام النكبة، وذلك لأن أحزاب اليمين المتطرف مع المين تصر على نتنياهو كرئيس للحكومة، ومن جهة ثانية فإن أحزاب المركز واليسار وحزب المهاجرين الروس بزعامة ليبرمان، لا يريدون نتنياهو رئيسا للحكومة؛ كشخص وكسياسي".
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "في ظل حصول كتلة اليمين على 58 مقعدا، وتيار المركز واليسار مع ليبرمان على 47 مقعدا، تبقى القائمة المشتركة التي حصلت على 15 مقعدا هي بيضة القبان، وهي التي تمتلك التأثير في أي اتجاه تسير فيه الأمور".
ولفت الخرومي إلى أن "الجميع يريد التخلص من اليمين المتطرف ومن هذا النهج، ومع هذا فإن لدينا الكثير من القضايا بيننا وبين المركز وبالذات "أزرق-أبيض" التي يجب أن تسوى ويجب أن يتم التوافق على الخطوط العريضة بشأنها، قبل أن يتم الحديث عن الدعم أو التوصية بهذا الحزب".
وأشار إلى أن "تحالف "أزرق-أبيض" كانت لديه مواقف سيئة جدا خلال الحملة الانتخابية من دور "القائمة المشتركة" ومن تطلعات أهلنا وأبناء شعبنا، ولنر ما الذي ستبديه الأيام المقبلة".
اقرأ أيضا: ليبرمان يوافق على خطة للإطاحة بنتنياهو دون انتخابات رابعة
وعن سؤال "عربي21"، "متى يمكن للمشتركة أن تدعم "أزرق-أبيض" من أجل تشكيل الحكومة الإسرائيلية؟"، قال النائب العربي: "في حال تم التوافق على كافة شروطنا والقضايا الرئيسة التي تؤمن بها "القائمة المشتركة" وبرنامجها السياسي بشكل عام، فأعتقد أن الطريق ستكون سهلة لخلق حالة سياسية جديدة في إسرائيل وتغيير حكم اليمين المتطرف".
وتابع: "القضايا كبيرة، ولا توجد حتى الآن بوادر في هذه الأيام، وعلينا أن نصبر لرؤية ما الذي سيصدر عن "أزرق-أبيض" وهو المعني بتشكيل الحكومة"، لافتا إلى أن "هناك مرحلتين، وهما التوصية ومن ثم تشكيل الحكومة".
وحول شروط المشتركة، ذكر الخرومي، أن "هناك مستويين، الأول يتعلق بالقضايا الداخلية لمجتمعنا العربي، مثل: وقف الهدم، والقوانين العنصرية، والعنف والجريمة، والمساواة، والفقر والبطالة، والتجمعات السكنية والاعتراف بالقرى غير المعترف بها".
وأما المستوى الثاني فهو "المتعلق بالجانب السياسي، وموقف "أزرق-أبيض" من عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، وقضايا الضم للأراضي الفلسطينية"، بحسب النائب عن "القائمة المشتركة" الذي نبه إلى أن "هذه القضايا المطروحة، تؤثر في مسألة الدعم أو التوصية، بحسب ما تتبلور الأفكار"، وفق قوله.
اضف تعقيب