تصاعدت المخاوف في الآونة الأخيرة من دعوات صهيونية لاقتحام ضخم للمسجد الأقصى المغلق حاليا أمام المصلين بسبب تفشي فيروس كورونا.
وأعلن مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس المحتلة، إغلاق الأقصى خلال شهر رمضان، بسبب انتشار الفيروس، إلا أن هذه الأيام شهدت تصاعد دعوات ما تسمى بـ"جماعات الهيكل" المزعوم، لتنفيذ اقتحام كبير للأقصى، في التاسع ولعشرين من رمضان، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى استكمال احتلال مدينة القدس بالتقويم العبري.
وحول استغلال أذرع الاحتلال المختلفة وجماعات المستوطنين لإغلاق المسجد الأقصى بسبب وباء كورونا، أكد المحامي المختص في قضايا القدس والأقصى، خالد زبارقة، المقيم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، أن "استمرار احتلال القدس والأقصى؛ هو جريمة كبرى لا تغتفر، تتحملها كل الأمة الإسلامية".
وأوضح في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "واقع وموضوع إغلاق الأقصى في هذا التوقيت معقد ومركب، ونحن نثق في تقدير وفتوى العلماء، والتي قضت بإغلاقه منعا لتفشي كورونا، وهذا سبب وجيه من طرفنا نحن المسلمين".
ونوه زبارقة، أن "الظروف متغيرة بحسب مدى انتشار الوباء والصحة العامة للجماهير، وكما نحرص نحن على وصول وفود المرابطين والمرابطات والمصلين والمعتكفين، نحرص أيضا على حياة وصحة الناس".
ومن جانب آخر، قال إنه "من الواضح أن الاحتلال منذ اللحظة الأولى لإغلاق الأقصى، يحاول استغلال الظرف لتثبيت وضعه في المسجد، وهنا أسجل عدة ملاحظات، أولها؛ أن المملكة الأردنية الهاشمية هي صاحبة الولاية والسيادة والإدارة في المسجد الأقصى، لذا هي التي تقرر متى تفتح أو تغلق بوابات الأقصى، بحسب تقديرات علماء المسلمين".
وأعرب المحامي عن تخوفه الكبير، من أن "يقوم الاحتلال بفرض إرادته على الأوقاف والمملكة الهاشمية في موضوع إغلاق الأقصى أو عدمه، أو التحكم بمن يسمح أو لا يسمح له بالدخول إلى الأقصى، وهذه قضية غاية في الأهمية، في موضوع تثبيت السيادة الإسلامية على المسجد، أمام سعي الاحتلال فرض السيادة الإسرائيلية اليهودية على الأقصى بقوة السلاح والسلطة، التي يستخدمها ضد أهلنا في القدس".
هل يفتح الأقصى؟
وأشار إلى أنه "منذ قرار إغلاق الأقصى، تم إغلاق باب المغاربة الذي من خلاله يتم اقتحام الأقصى من قبل المتطرفين اليهود والسياح، وعليه أغلق الأقصى أمام الاقتحامات والسياحة التهويدية".
وأفاد زبارقة، أن المتابعة الحثيثة لتطورات الأحداث في القدس والمسجد الأقصى، "تؤكد أن الاحتلال يريد أن يفرض واقع جديد في الأقصى، في الوقت الذي يمتنع المسلمون عن الدخول للأقصى بسبب كورونا، وبحسب ظن الاحتلال، يستطيع أن يدخل المستوطنين لاقتحام الأقصى، بحجة أنها تتلاءم مع تعليمات الصحة العامة التي نشرتها وزارة الصحة التابعة للاحتلال".
وأضاف: "هذا تعد خطير على السيادة الإسلامية في الأقصى وعلى السيادة الرسمية الأردنية بالأقصى، وعلينا كمسلمين"، مشيرا في هذا الصدد إلى حديث رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة، وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، والذي أكد فيه أنه في حال تم فتح باب المغاربة لاقتحامات المستوطنين للأقصى، سيتم فتح بوابات الأقصى للمصلين، لأن هذا الأمر إن تم فهو "اعتداء على قدسية الأقصى وفرض واقع جديد". في شهر رمضان.
يذكر أن قوات الاحتلال بسبب هذا التصريح للشيخ صبري، قامت باقتحام منزله بالقدس وتهديده، "دون أي مسوغ قانوني"، بحسب المحامي زبارقة الذي أكد أن "ما تقوم به شرطة ومخابرات الاحتلال من استدعاءات للتحقيق بسبب التعاطف مع الأقصى، أوصلني لقناعة أن الاحتلال يضمر شرا للأقصى، ويريد أن يستغل هذا الظرف وانشغال العالم بكورونا، لفرض واقع تهويدي جديد على الأقصى، يتعلق بتهويد الهوية العامة للمكان، من هوية إسلامية حصرية إلى هوية يهودية".
وبين أن "الاحتلال يستغل التهافت العربي للتطبيع، لفرض واقع جديد على الأقصى والقدس، ورغم ذلك يبقى الأقصى هو القضية التي تجتمع عليها كل الأمة؛ وهي مطالبة اليوم، أن قوم بدورها في نصرة الأقصى على كافة المستويات، وخاصة في هذه الأيام التي نلمس فيها محاولة إسرائيلية لطمس هذه القضية، وتحييدها عن اهتمام الشعوب".
وشدد على أهمية أن "تبقى قضية القدس والأقصى، هي القضية الأولى التي تتفاعل معها الشعوب بشكل يومي، ولتبقى العيون شاخصة نحو الأقصى، كي يقتنع الاحتلال أنه لا يستطيع في هذه الظروف أن يقدم على أي عمل جبان، من الممكن أن يغير خارطة المنطقة بأكملها".
وحول الحاجة في ظل هذا الواقع الصعب، لإعادة تقييم الوضع من قبل الأردن والعلماء، قال: "الأمر بحاجة لدراسة معمقة من عدة أطراف، وفي مقدمتها، موقف ورأي علماء المسلمين، مع الأخذ بعين الاعتبار نوايا وخطط وإجراءات الاحتلال، التي يستغل هذه الظروف لتمرريها، إضافة للوضع السياسي العام".
وتابع: "صحيح أن الأردن هي صاحبة الوصاية الرسمية على الأقصى، وفي حال كانت جادة في الأخذ بها، يجب على الأمة أن تلتف حولها، وتسند هذه الوصاية لمواجهة إغراءات وتهديدات الاحتلال والأمريكان، حيث تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطا هائلة على عمان لتمرير صفقة القرن، التي تستهدف بشكل أساسي القدس والأقصى".
ورأى المحامي، أنه "في حال لم تكن الأردن جادة في الأخذ بهذه الوصاية على الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس اليوم، فعليها أن تقول ذلك، وتسجله أمام الرأي العام، كي تقوم الأمة بالدور المطلوب منها"، لافتا أن "الموقف الغير واضح في الموقف الأردني، يضعف موقف المملكة".
وحول أهم الإجراءات الإسرائيلية التي تؤكد استغلال الاحتلال إغلاق المسجد الأقصى لتكريس عملية التهويد، أكد الناشط الفلسطيني، عضو لجنة الدفاع عن سلوان، فخري أبو دياب، أن "الحفريات في الأنفاق أسفل الأقصى ومدينة القدس لم تتوقف مطلقا، كما أن الاعتقالات وقرارات الإبعاد مستمرة، والتفتيش من قبل بلديه الاحتلال وتوزيع أوامر وإنذارات الهدم وتحرير المخالفات، كل ذلك لم يتوقف".
اقرأ أيضا: "الأقصى" يخلو من شعائر رمضان لأول مرة منذ تحرير القدس
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "التخطيط والمصادقة على المشاريع التهويدية، وبسط سيطرة الاحتلال على القدس وخنقها في كافة النواحي، وبناء وحدات سكنيه للمستوطنين؛ بقيت على حالها بل ازدادت وتيرتها"، مؤكدا أن "سلطات الاحتلال تستغل انشغال العالم بوباء كورونا وعدم متابعة الناس والنشطاء لكشف وفضح ممارسات الاحتلال، جعلته يستغل هذا الوضع لإتمام واستمرار أعماله التهويدية".
وفيما يخص موظفي الأوقاف، نوه أبو دياب، أن "الاحتلال يسمح للموظفين بالدخول للأقصى بحسب ورديات عملهم وبرنامج العمل المعد مسبقا لهم فقط، ولا يسمح لهم بالدخول في أي أوقات أخرى".
ولفت إلى أن "جماعات الهيكل الاستيطانية، تطالب الشرطة الإسرائيلية بالسماح لهم باقتحام الأقصى، وتقدمت بدعوى لدى المحكمة الإسرائيلية للسماح لهم بالدخول والصلاة، زاعمين أن الحراس وموظفي الأوقاف يقومون بأداء الصلاة داخل المسجد، وبناء على ذلك، يجب لهم (للمستوطنين) بالدخول وإقامة طقوسهم التلمودية".
وحذر الناشط المقدسي، من خطورة دعوات تلك الجماعات المتطرفة، والتي "تعمل على حشد أنصارها لاقتحام الأقصى، وخاصة فيما يسمى بـ"يوم توحيد القدس" الذي يوافق الـ 29 رمضان".
اضف تعقيب