أولى ضحايا وقف التّنسيق بين السّلطة الفلسطينيّة وإسرائيل وفاة رضيعٍ من غزّة يبلغ من العمر 8 شهور
أولى ضحايا وقف التّنسيق بين السّلطة الفلسطينيّة وإسرائيل
وفاة رضيعٍ من غزّة يبلغ من العمر 8 شهور بعد تأجيل خروجه للخضوع لعمليّة في القلب في مستشفى شيبا
موعد العمليّة قد تأجّل بعد توقّف الجهة التي توكل إليها السّلطة عن تنسيق خروج المرضى الغزّيين عن العمل؛ منظّمات حقوق الإنسان تدعو إسرائيل إلى إتاحة حريّة التنقل لسكان القطاع من دون ربطه بأجهزة التّنسيق الفلسطينيّة
توفي عمر ياغي، وهو طفل غزّي يبلغ من العمر 8 شهور، نتيجةً لمرضٍ في القلب، وذلك يوم الخميس (18.6) في أعقاب تأجيل العمليّة الجراحيّة التي كان من المخطّط أن يخضع لها في مستشفى شيبا في تل هشومير، حيث تمّ تأجيل العمليّة لمدة شهر. وكان سبب التأجيل هو توقّف اللجنة المدنيّة الفلسطينيّة عن العمل، وهي الهيئة التي توكل إليها السّلطة الفلسطينيّة مسائل التّنسيق في الشؤون المدنيّة مع إسرائيل. وقد جاء توقف عمل الهيئة في إطار إعلان السّلطة، الشهر المنصرم، عن تجميد التّنسيق على ضوء مخطّط الضم الإسرائيلي.
وكان من المفترض بـعمر أن يخرج من غزّة ويخضع للعمليّة الجراحيّة في مستشفى شيبا بتاريخ 24 أيار/ مايو. حيث صار بإمكانه الخضوع للعمليّة بمساعدة جمعيّة "شبات أحيم"، التي قامت بتوفير التمويل الكامل للإجراء الطبي، بل وساعدت في تنسيق دخول الطّفل من غزّة إلى إسرائيل. ورغم ذلك، فقد تشوّش المخطّط بعد إعلان السّلطة الفلسطينيّة خلال شهر أيار / مايو المنصرم عن وقف التّنسيق مع إسرائيل بسبب برنامج الضم. حيث لم تقم اللجنة المدنيّة الفلسطينيّة- وهي الهيئة المسؤولة في غزّة عن نقل طلبات خروج المرضى وتنسيق انتقالهم للخضوع للعلاج الصحي خارج القطاع، استلام طلب استصدار التصريح من عائلة الطّفل، أو تحويله إلى مكتب التّنسيق والارتباط الإسرائيلي على معبر إيرز.
في أعقاب ذلك، توجهت عائلة عمر إلى جمعيّة أطباء لحقوق الإنسان. وقد قامت الجمعيّة بتقديم الطلب باسم عمر مجددا، حيث تمّ توجيه الطلب مباشرة، هذه المرة، إلى مكتب التّنسيق والارتباط، ومن دون الاضطرار لتمريره عبر اللجنة المدنيّة الفلسطينيّة. وقد تمت الموافقة على الطلب الجديد، وحُدد موعد العمليّة في مستشفى شيبا لتاريخ 21 حزيران / يونيو. إلا أن الطّفل قد توفي، كما أسلفنا، قبل 3 أيام من موعد العمليّة، عن سنّ ثمانية شهور فحسب، وقبل أن يخضع للعمليّة التي كانت تهدف لإنقاذ حياته.
وكانت جمعيّة أطباء لحقوق الإنسان قد حذّرت قبل بضعة أسابيع من أن مئات المرضى الفلسطينيين لا يحظون برعاية صحيّة بسبب انهيار أجهزة التّنسيق، ومن ضمن هؤلاء مرضى بالسرطان ومرضى يعيشون حالات صحيّة خطيرة لأسباب أخرى، وهم بحاجة إلى علاجات عاجلة ومن شأنها إنقاذ حياتهم. وبحسب الجمعيّة، فقد طرأ مؤخرا ارتفاع حاد على عدد المرضى الفلسطينيين من سكان كل من قطاع غزّة والضفّة الغربيّة الذين توجهوا إليها مطالبين بمساعدات من أجل الخضوع لعلاجات صحيّة لا تتوفر في أماكن سكناهم. وذلك بعد أن وصف المرضى كيف أن الجهات الفلسطينيّة المسؤولة عن تنسيق مرورهم قبالة السلطات الإسرائيليّة، قد توقفت عن تقديم طلبات باسمهم من لاستصدار تصاريح خروج لهم، لدواعٍ طبيّة. إن الوضع أخطر بكثير من ناحية المرضى الغزّيين، حيث اعتاد غالبيتهم على تلقي العلاج في المشافي في كل من الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة، ولم تعد هنالك الآن أيّة جهة رسميّة فلسطينيّة تتابع طلباتهم. كما ادعى مرضى في حديث لهم مع الجمعيّة بأنّ وزارة الصحة الفلسطينيّة ترفض أن تحجز لهم مواعيد طبيّة في مشافٍ إسرائيليّة وترفض أن تصدر نماذج التزام دفع لتغطية تكاليف العلاج الصحي في إسرائيل.
هذا، وقد توجهت منظّمات حقوقيّة، في نهاية الأسبوع، إلى كل من وزير الدفاع، بيني غانتس، والمستشار القضائي للحكومة، أفيحياي مندلبليط، ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، كميل أبو ركن، مطالبة إياهم بضمان حريّة التنقل للفلسطينيين المحتاجين للخروج من غزّة، وذلك من دون اشتراط ربط هذا التنقل بعمل هيئات التّنسيق الفلسطينيّة التي تمّ تجميد عملها. وفي رسالة أرسلت يوم الخميس (18.6)، تطالب جمعيّات أطباء لحقوق الإنسان، مركز حقوق الفرد (هموكيد)، جمعيّة حقوق المواطن، جيشاه – مسلك، وعدالة، بأن تقوم إسرائيل بشكل فوري بتسوية مسألة القيود البيروقراطيّة المفروضة على تقديم طلبات استصدار تصاريح الدخول، والسماح فورا بدخول المحتاجين من غزّة لأغراض طبيّة وإنسانيّة. كما تطالب الجمعيّات بأن تقوم إسرائيل بتنظيم آليّة جديدة يمكن من خلالها لسكان غزّة تقديم طلبات لاستصدار تصاريح خروج من دون أن تمر هذه الطلبات باللجنة المدنيّة، كما طالبوا إسرائيل بأن تنشر للجمهور تفاصيل الآليّة الجديدة.
وقد ورد في رسالة الجمعيّات: "تعدّ إسرائيل هي المتحكّمة الحصريّة بالمعابر. إنها هي المتحكمة بحريّة تنقّل سكان قطاع غزّة. إسرائيل هي التي خلقت نظام التصاريح وهي التي تحدد بشكل مستقل وحصري معايير إصدار هذه التصاريح. إن إسرائيل هي المسيطرة على إصدار التصاريح. أما السّلطة الفلسطينيّة، ممثلة باللجنة المدنيّة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، فما هي إلا جهة ثانويّة مؤتمنة على تنظيم التنقل. وبناء عليه، فإن وقف نشاط التّنسيق الذي كانت اللجنة المدنيّة تقوم به لا يشكل فارقا على التزامات إسرائيل ولا يقلل من واجبها القاضي بضمان استمرار تنقل الأفراد عبر المعبر".
اضف تعقيب