هل ستندلع انتفاضة ثالثة شاملة في الضفة الغربية بعد وقوع الضم؟/ بقلم: احمد حازم
يرى بعض المحللين للوضع الإسرائيلي أن عملية تأجيل مشروع "الضم" لجزء من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار، وهي مناطق محتلة عام 1967 حسب القانون الدولي، لا يعني أن قوى اليمين في إسرائيل ستترك هذا المشروع ، بل على العكس من ذلك فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يعمل في الخفاء من أجل الإسراع في الضم وينتظر الفرصة المواتية لتنفيذ القرار، أو البدء بتنفيذه تدريجياَ .
صحيح أن نتنياهو قد اتفق مع خصمه السياسي في الإنتخابات بيني غانتس على تشكيل حكومة أطلقوا عليها "حكومة وحدة وطنية" عادت بالفائدة على الخصمين، لأن نتنياهو نجا من المحاكمة من خلال مواصلة توليه رئاسة الحكومة، وغانتس أصبح نائياً له وبعد سنة وتصف سيصبح رئيساً للحكومة حسب الصفقة الحكومية. لكن نتنياهو اصطدم مع غانتس بقضية مشروع الضم، لأن غانتس له رأي آخر في الموضوع. ولذلك سارع نتنياهو إلى التلميح لللذهاب ل انتخابات جديدة.
نتنياهو يعرف جيداً أن ذلك ليس لصالح غانتس لأن تحالف "أزرق أبيض" قد انقسم على نفسه ولم يعد ذلك التحالف القوي ولن يؤثر على نتنياهو في أي انتخابات مقبلة. واستطلاعات الرأي الإسرائيلية تؤكد ذلك. ففي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “دايركت بولز” للاستطلاعات، ونشرته وسائل إعلام إسرائيلية أواخر الشهر الماضي جاء فيه "أن حزب الليكود، الذي يرأسه نتنياهو، سيحصل على 41 مقعدا، في حال أُجريت انتخاباتٌ اليوم، وحصل تحالف حزبي “يش عتيد” و”تيلم” اللذين خرجا من قائمة (أزرق ـ أبيض) على 15 مقعدا، بينما القائمة ذاتها التي يرأسها وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل، الجنرال بيني جانتس، ستحقق 11 مقعدا فقط. وأظهر الاستطلاع أن ما بين 5 و6 أعضاء لم يكونوا في معسكر نتنياهو سابقا، قد انضموا إليه، إثر خطة الضم. وذكر الاستطلاع أن "حزب العمل"، برئاسة عمير بيرتس، لن يتجاوز نسبة الحسم.
وأوضح الاستطلاع أن 42% من المستطلعة آراؤهم يؤيدون “تطبيق السيادة الإسرائيلية” على غور الأردن بأكمله، بالإضافة إلى أراضي الضفة الغربية المحتلة المقامة عليها المستوطنات، فيما أيد 4% “تطبيق السيادة” على غور الأردن فقط، وأيد 8% فرضًا محدودا للسيادة على مناطق محددة بالضفة الغربية، وفي المقابل، أظهر الاستطلاع أن 39% يعارضون خطوة الضمّ في هذه المرحلة
واستناداً إلى هذه المعطيات، فإن نتنياهو مطمئن لاكتساحه للشارع الإسرائيلي انتخابياً وأيضاً في عملية الضم، علماً بأن محللين آخرين يعتقدون بأن " نتنياهو يخشى من إهدار فرصة تنفيذ مخطط الضم وأن الخلاف بين حزبه (الليكود) وبين قائمة (أزرق ـ أبيض) بقيادة غانتس ووزير الخارجية، جابي أشكنازي، حول تنفيذ المخطط، قد يدفع الإدارة الأميركية إلى فقدان الاهتمام وإزالة الضم عن الأجندة والتراجع عن تطبيق صفقة القرن.
صحيفة (هاآرتس) ذكرت استناداً إلى مصادر وصفتها بالمطلعة على الاتصالات بين نتنياهو وشركائه من بقايا قائمة (أزرق ـ أبيض) في الحكومة، إن “الفجوات بين الليكود و (أزرق أبيض) يصعب الجسر بينها، وأن هذه الفجوات في المواقف من مخطط الضم برزت خلال اجتماعين عُقدا نهاية الشهر الفائت شارك فيهما ننتنياهو وجانتس وأشكنازي ورئيس الكنيست، ياريف ليفين، بحضور السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي يؤيد موقف نتنياهو بتنفيذ “ضم” أحادي الجانب وفي الفترة القريبة المقبلة.
ولكن، ما هي أسباب الخلاف بين نتنياهو وغانتس؟ المعلومات المتوفرة تقول: ان الخلاف بينهما يتلخص حول المناطق التي سيتم ضمها والجدول الزمني لتنفيذ المخطط وكيفية ترتيب الخطوات التي سيتم تنفيذها. فبينما طالب نتنياهو بترسيم خريطة للمناطق التي سيتم ضمها، طالب جانتس بأن يتم أولا التوصل إلى تفاهمات حول الضم مع دول عربية، وخصوصا الدول المعنية والمؤثرة في الموضوع.
نتنياهو لا يزال مصمماً على الإسراع في عملية الضم في عهد ترامب، تخوفاً من عدم بقائه في الرئاسة، خصوصاً أن مؤشرات عديدة تدل على أن المرشح الديمقراطي جو بايدن المنافس لترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل تتوفر لديه أسباب عديدة للفوز ولذلك، سيذهب مشروع الضم أدراج الرياح، لأن بايدن أعلنها بكل وضوح أنه ضد مشروع الضم.
نتنياهو يجد نفسه الآن أمام ثلاثة خيارات أولها: التخلي عن هذا المشروع الإستعماري الإحتلالي بناءً على رغبة دولية حتى لو بقي ترامب في الرئاسة، وثانيها: التخلي عن الضم مرغماً إذا فاز بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وثالتها: احتمال اندلاع انتفاضة قوية ثالثة في الضفة الغربية إذا أقدم نتنياهو في كل الأحوال على مشروع الضم.، وهذه الإنتفاضة ستقلب الطاولة على رأسنتنياهو. وعلى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو التفكير ملياً قبل فوات الأوان
اضف تعقيب