سلط كتاب جديد الضوء على دور "تيارات الصهيونية الدينية" في الحياة السياسية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وأثرها على نظام الحكم.
ويتناول الكتاب الذي أصدره "مركز الزيتونة" للدراسات دور الصهيونية الدينية وأثرها على التحولات الاجتماعية والسياسية في المجتمع الإسرائيلي، ويسعى لإظهار حجم الضعف الذي أصاب الأحزاب العلمانية والحريدية نتيجة نمو هذا التيار، بالإضافة إلى إبراز حجم النفوذ الذي تؤديه الصهيونية الدينية في السياسة، وصناعة القرار في الفترة التي تغطيها الدراسة.
وقد استعرض الكاتب سعيد بشارات في الفصل الأول من كتابه، حقيقة الصهيونية الدينية، وأساسها الديني والفكري؛ باعتبارها حركة روحانية كبيرة، على الرغم من اختلافها عن التيار الحريدي الأرثوذكسي، برزت في المجتمع الإسرائيلي كثيراً خلال ثمانينيات القرن العشرين، وتحديداً بعد سنة 1982، ووُضعت مبادئها الأساسية على يد كبار الحاخامات والقادة السياسيين. وقد تعاقبت عليها، منذ بداية نشأتها، تيارات مختلفة ومتنوعة؛ لكنها ظلت على الهوامش وفي الصفوف الوسطى، إلى أن أتى فكّ الارتباط مع غزة سنة 2005، الذي حمل معه عدداً من التحولات السياسية والاجتماعية.
اقرأ أيضا: المؤرخ الراحل محمد روحي الخالدي أدرك مخاطر الصهيونية مبكرا
وفي فصله الثاني، ذكر الكاتب وسائل الصهيونية الدينية في الصعود داخل الدولة، ففي ظلّ حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو (2015–2019) مثلاً، أصبح وجودهم في مراكز القوى المهيمنة بارزاً، من ضباطٍ في الألوية القتالية النخبوية، إلى قضاةٍ يمسكون بنحو ثلث تركيبة المحكمة العليا الإسرائيلية، ويشغلون مناصب رئيسية في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى قيادات برزت في قطاعات الخدمة العامة؛ فالمستشار القانوني للحكومة، وقائد الشرطة، ورئيس جهاز الموساد، إضافة إلى مدير مكتب رئيس الوزراء، والسفير في أمريكا، جميعهم ينتمون إلى تيار الصهيونية الدينية.
وأفرد الكتاب في فصله الثالث أثر وصول تيار الصهيونية الدينية للسلطة، حيث استطاع المتدينون الحصول على مزيد من الامتيازات، وعززوا قوتهم المؤسساتية بشكل يفوق حجمهم الاجتماعي والسياسي، بحصولهم على حقائب وزارية كبيرة كالتعليم والقضاء، وزيادة المساعدات الاجتماعية للمدارس الدينية وطلابها؛ فأثر ذلك على الصفة العلمانية للدولة، وأثر على النظام القانوني في "إسرائيل".
وكان من آثار وصول تيار الصهيونية الدينية للسلطة، بحسب الكتاب، تسارع عملية ضمّ الضفة الغربية لـ"إسرائيل"، إذ تزايدت الأصوات التي تدعو إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
ومن الناحية العملية، فإن عملية ضمّ الضفة الغربية بدأت بالفعل عبر خطوات رسمية قانونية وتشريعية، خصوصاً بعد سنة 2014، كإقرار الكنيست الإسرائيلي لـ"قانون التنظيم".
وختم بشارات كتابه بعدة توصيات، كان من بينها ضرورة بناء استراتيجية تتعامل مع هذا المستجد الذي يحاول تصفية القضية الفلسطينية، والذي يُعدّ مانعاً كبيراً أمام إحراز أي تقدُّم سياسي في الحاضر والمستقبل.
اضف تعقيب