لا يزال المقدسي كرمل القاسم ينتظر بصيص أمل في قضية إخلاء منزل عائلته لصالح المستوطنين؛ في حي الشيخ جراح شرق القدس المحتلة، حيث تعتبر الأيام القليلة القادمة حاسمة في هذا الملف الذي بات شائكا؛ بسبب أطماع الاحتلال في عشرات المنازل الفلسطينية بالحي.
ولكنّ عائلات الشيخ جراح تطالب المملكة الأردنية بوثائق لمواجهة محاكم الاحتلال، حيث تحتوي على إثبات واضح أن منازل الحي البالغ عددها ٢٨ منزلا مقامة على أرض مملوكة للأردن؛ وتم تأجيرها لعائلات فلسطينية هجرت من قراها خلال نكبة عام ١٩٤٨.
ومؤخرا تناولت وسائل الإعلام الأردنية الحديث عن قيام الأردن بتسليم هذه الأوراق للسلطة الفلسطينية؛ الأمر الذي لم يحمل جديدا بحسب عائلات الحي قد يفيدها في محاكم الاحتلال التي اتخذت قرارا بإخلاء عدد من المنازل في الثاني من الشهر القادم.
ويقول القاسم لـ"عربي٢١" إن الأوراق التي تطالب بها العائلات من الأردن؛ تخص عقود الإيجار لمنازلهم، وهي عبارة عن ٢٦ عقدا مباشرا بين أجدادهم ووزير الإسكان الأردني، وذلك حين قامت الأردن بإعطاء المنازل لهذه العائلات للسكن فيها باتفاق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وأشار إلى أن عقدين فقط من بين عقود المنازل في الحي أرسلت لأصحابها وهي عقد إيجار مصدق، بينما تقول إنها لا تملك العقود للمنازل المتبقية وإنها عبارة فقط عن كلمات على ورق دون ختم رسمي أو ترويسة.
وأضاف: "هذه الأوراق بهذا الشكل لا تعترف بها محاكم الاحتلال؛ وهي تريد أوراقا مصدقة ومختومة بشكل رسمي، وهذا ما نريده من الأردن كي نوقف إخلاء المنازل حيث يدعي المستوطنون أن الأراضي المقامة عليها هي ملك لهم".
منذ عام ١٩٧٢ وعائلات حي الشيخ جراح تطالب بهذه الأوراق من الأردن لحماية منازلها من أطماع المستوطنين؛ ولكن الأخير يقول إنه لا يمتلكها، ما ساعد في توسيع دائرة الأطماع وقيام محاكم الاحتلال بإصدار قرار يقضي بأن هذه الأراضي تعود للمستوطنين وعلى الفلسطينيين إخلاء المنازل.
ويرى القاسم أن إيجاد اثنين من عقود الإيجار الأصلية من بين ٢٨ منزلا؛ يجعل العائلات تتساءل عن سبب عدم وجود بقية العقود رغم أنها جميعا تنتمي لملف واحد وقضية واحدة، لافتا إلى أن العثور على هذه الوثائق يعزز من موقف العائلات أمام المحاكم الإسرائيلية.
وأوضح أن العائلات تطالب الأردن كذلك بتقديم ورقة تشهد سياسيا أنه يتحمل مسؤولياته تجاه سكان الحي؛ فهو من قام بإسكانهم فيه بموجب الاتفاقية مع "أونروا"، مبينا أن الوعود الأردنية للعائلات في الحي كانت أنهم سيتملكون المنازل ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن منذ خمسينيات القرن الماضي.
وأكد أنه خلال صراع القضاء الذي خاضته العائلات قام أحد المحامين الإسرائيليين بخداعها وتوقيع اتفاقية دون علمها تجعل الفلسطينيين في الشيخ جراح عبارة عن مستأجرين محميين؛ وذلك يعني أنه يمكن للاحتلال إخلاؤهم بسهولة من منازلهم بحجة أنهم قاموا بتغيير معالم المنازل وفقا لهذا القانون.
ورأى القاسم أن مسؤولية الأردن تجاه عائلات الحي هي مسؤولية أخلاقية؛ لافتا إلى أن ملكية الأرض هي أساس هذه القضية؛ وأن الاحتلال يحارب المقدسيين فيها على اتجاهين؛ الأرض والمنازل.
وتابع: "كل هدف الاحتلال هو إنشاء مخطط استيطاني في مكان هذه المنازل التي نسكنها وعرضوا علينا التعويضات ولم نقبل الخروج منها، ولكننا نحتاج إلى دعم سياسي من الأردن؛ وما يوقف عملية الإخلاء هو تحرك سياسي وضغط على الاحتلال".
غموض
محامي عائلات حي الشيخ جراح حسني أبو حسين أكد أن الأردن كانت عقدت اتفاقية "غامضة" بعض الشيء في ما يخص أهالي الحي؛ وكانت تقوم على الإيجار والاستئجار.
وقال لـ"عربي٢١" إن البند رقم ١١ من الاتفاقية ينص على أنه بعد الإقامة في الشقة السكنية يتم تسجيل الأرض من وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية لهؤلاء السكان، ولكن للأسف مرت الأيام ولم تسجل ملكية الشقة بأسماء الناس؛ وبقي الوضع غامضا حتى عام ١٩٦٦.
وأوضح أنه بعد ذلك بدأت أعمال التسجيل فتوجه السكان بطلب لتسجيل الشقق بأسمائهم كما وُعدوا؛ ولكن مدير دائرة التسجيل لم يقرر في ملكيتها؛ ثم في عام ١٩٦٧ احتلت "إسرائيل" القدس وانتقلت للسيادة الإسرائيلية.
وفي عام ١٩٧٢ قامت جمعيات استيطانية تحت اسم "اليهود الشرقيين" و"اليهود الغربيين" بالتقدم بطلب لتسجيل هذه الأرض بأسمائهم؛ ونجحوا في ذلك في محاكم الاحتلال، وبالتالي بدأوا يطاردون أهالي حي الشيخ جراح والمطالبة بترحيلهم.
وأضاف: "في نطاق دفاعنا عن عائلات الحي طلبنا من الأردن الاتفاقيات موقعة بختم المملكة الأردنية الهاشمية؛ لأنه غير موجود؛ والموجود فقط هو توقيع واحد؛ ويبدو أنه توقيع وزير الإنشاء والتعمير الأردني ولكن لا يوجد ختم يظهر ذلك، ومنذ سنوات ونحن نطالب بالحصول على هذه الأوراق".
وقال أبو حسين إنه قبل أسبوعين تقريبا أرسل الأردن وثيقة اتفاقية ولكن ليست مختومة بختم الوزارة بل بدائرة تسجيل الأراضي الأردنية؛ وكل كلمة نسخة طبق الأصل من الوثائق؛ ولكنها تعود لعائلتين فقط هما أبو عرفة ونسيبة.
وأكد أن هذه العائلات لم يقم أحد بالشكوى ضدها؛ فلا داعي لتقديم أوراقها للمحاكمة، مؤكدا أن المطلب الرئيسي هو الحصول على الأوراق الثبوتية للعائلات الثمانية والعشرين كاملة ولكنها لم تصلهم.
وتابع: "كي نستمر في دفاعنا عن عائلات حي الشيخ جراح يجب أن نحصل على هذه الوثائق التي لم تصلنا حتى الآن؛ وحتى الورقتين لعائلتي أبو عرفة ونسيبة غير واضح من الذي وقع عليهما، وكي ننجح في مسارنا القضائي يجب أن تكون كل الوثائق معنا كي نستخدمها وقت الحاجة لا أن تصلنا بالتقسيط!".
اضف تعقيب