قال كاتب إسرائيلي إن "اندلاع المواجهة العسكرية الأخيرة في غزة قد يشكل جزءا من سياسة إسرائيلية لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، لكن الواضح أنه طالما لا توجد استراتيجية إسرائيلية لمعالجة مسألة الدولة الفلسطينية، فإن سكان قطاع غزة سيستمرون في المعاناة من الأضرار العرضية للسياسات الإسرائيلية الحالية".
وأضاف عامي روحكس دومبا في مقال بمجلة يسرائيل ديفينس ترجمته "عربي21"، أن "صراع الأيام الأخيرة في غزة أعاد من جديد "قضية غزة" إلى صلب الخطاب الإسرائيلي العام، ويتضمن هذا الخطاب دعوات لزيادة القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي ضد حماس في غزة، بغض النظر عن الدخول في مناقشة غير محدودة حول سبب عدم جدوى القوة العسكرية الإسرائيلية هناك، مع أننا كنا هناك، وحاولنا، لكن الأمر لم ينجح عملياً".
وأوضح أن "استمرار هذه الجولات التصعيدية الإسرائيلية ضد حماس، خاصة خلال السنتين الماضيتين، تسبب للمستوطنين في انتشار أجواء الإحباط في صفوفهم، ولعلهم محقون في ذلك، خاصة مع عدم قيام الحكومة الإسرائيلية بالمزيد من الإجراءات للسماح بحياة طبيعية لمستوطني غلاف غزة، خاصة أن الافتراض السائد أنه لا يوجد "عنف صفري" تجاه الفلسطينيين، وهذا توقع غير واقعي، لكنه محكوم بخيبة أمل، لا نهاية لها".
وأشار إلى أنه "لا تهم هوية الحكومة الإسرائيلية القادمة في تل أبيب، لكنه يطرح ما الذي تريده بالضبط من غزة، وما هي استراتيجيتها هناك، رغم أن الاستراتيجية المنظمة الوحيدة التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية في غزة خلال العقود الأخيرة هي منع قيام دولة فلسطينية، لأنه إذا كانت غزة والضفة الغربية تحت الحكم الفلسطيني نفسه، فسوف تقام دولة فلسطينية، ومثل هذه الدولة ستخلق الكثير من المشاكل الأمنية لإسرائيل، بحيث تبدو مشكلة غلاف غزة اليوم هامشية بالنسبة لها".
وأكد أن "السؤال الإسرائيلي يتركز في كيفية منع قيام دولة فلسطينية من خلال المستوطنات، وربما يتعلق الجواب بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، التي تديرها منظمة التحرير الفلسطينية من خلال حركة فتح، لكن إسرائيل بكل أجهزتها الأمنية تفرض سيطرتها المطلقة عليها، وبأي ثمن".
وأوضح أنه "منذ نشأتها، استخدمت إسرائيل الاستيطان على الحدود كأداة لتطبيق السياسة الأمنية، حتى على حساب الأضرار العرضية التي لحقت بسكان تلك التجمعات الاستيطانية، وفي عام 2021، يعني هذا أن مستوطني غلاف غزة يمثلون حاجزًا ليس لقطاع غزة وجنوب إسرائيل، بل كعقبة أخيرة أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقبلية".
وأشار إلى أنه "إذا قمنا بتوسيع نطاق النقاش، فإن السؤال الذي يتعين على سكان قطاع غزة طرحه ليس ما هي استراتيجية إسرائيل هناك، ولكن ما هي استراتيجيتها في مسألة الدولة الفلسطينية، لأن استراتيجية منظمة لمنع إقامة دولة فلسطينية ستمنح مستوطني الغلاف إجابات معينة ويقينية بشأن مستقبلهم، رغم أنه ليس في مجلس الأمن القومي، ولا في مكتب رئيس الوزراء، ولا في أي مكان آخر في سلسلة صنع القرار في تل أبيب".
وأضاف أن "إسرائيل تتجنب المناقشات حول هذا السؤال البحثي قدر الإمكان، ففي الضفة الغربية كانت هناك خطة آلون منذ عام 1967، ومنذ ذلك الحين لم يتغير شيء، في حين لا توجد خطة إسرائيلية على الإطلاق في قطاع غزة، ولا توجد خطة فعلية لكيفية ربط غزة بالضفة الغربية في أي دولة فلسطينية مستقبلية، كما أن الجيش الإسرائيلي لا يملك أجوبة واضحة، هذا لغز، لكن في إسرائيل يفضلون عدم التعامل معه".
وأوضح أنه "من أجل هذا السبب، يجدر طرح السؤال الإسرائيلي حول خلق المزيد من الصعوبات أمام إجراء انتخابات السلطة الفلسطينية، ولماذا يعتقل الجيش الإسرائيلي شخصيات بارزة من حماس في الضفة الغربية.. لأنه يخشى أن تستولي حماس بشكل شرعي على الضفة الغربية كما فعلت في غزة، في حين أن الحملة الانتخابية الإسرائيلية الأخيرة لم تشهد طرح الدولة الفلسطينية للنقاش على الإطلاق".
وختم بالقول إن "قضية غزة" ستظل مشروعة في الخطاب الإسرائيلي العام، وليس فقط عند إطلاق الصواريخ، لأنها مجرد أعراض لمشكلة أوسع تصل إلى مسألة الدولة الفلسطينية، وبالنسبة لسكان قطاع غزة، لا توجد إجابة ذكية أو سهلة، لكن الاستيطان سيبقى هو الحاجز الأخير أمام قيام دولة فلسطينية، فمن المرجح أن تحدث في المستقبل جولات من المواجهة مثل تلك التي حدثت في نهاية الأسبوع الماضي".
اضف تعقيب