قال خبير عسكري إسرائيلي إن "الأوساط الأمنية الإسرائيلية تعول كثيرا على أن تكون الفترة القادمة من حقبة رئيس الموساد الجديد ديفيد برنياع أقل إثارة وأكثر صمتا وهدوءا من سلفه يوسي كوهين، لأنها ترغب بأن يمارس الجهاز مهامه في صمت إعلامي خلال السنوات القادمة، لأن ما كشفه كوهين في الفترة الأخيرة عن بعض مهام الموساد السرية لم تلاق استحسان هذه الأوساط".
وأضاف عمير ربابورت في مقاله بمجلة يسرائيل ديفينس، ترجمته "عربي21"، أن "تسريبات كوهين في الآونة الأخيرة، وهو يستعرض سنوات عمله في رئاسة الموساد، أثارت غضب موظفي الجهاز المخضرمين والمتقاعدين، لأنه كسر أحد الرموز المهمة للجهاز منذ عقود طويلة، وأهمها أنه لا يتم إجراء مقابلات مع مسؤولي الموساد بشأن عملهم فيه، ولذلك كان هناك من اعتقد أن كوهين ارتكب مخالفات أمنية ميدانية خطيرة".
وأوضح أن "رجل المخابرات المخضرم يوسي لانغوتسكي يعتزم تقديم شكوى ضد كوهين لدى الشرطة في هذا الشأن، رغم أن هناك من رؤساء الموساد السابقين من كتبوا مذكراتهم بعد سنوات طويلة من تقاعدهم، مثل شبتاي شافيت وتسافي زامير، لكنهم اهتموا بشكل أساسي بإعطاء تحليل استراتيجي أكثر من كشف معلومات سرية، ومنهم المسؤول السابق في الموساد ميشكا بن دافيد".
وأكد أن "الصحافة الإسرائيلية دأبت على الاعتماد على "مصادر أجنبية" حين تتحدث عن عمليات أمنية سرية تجري خلف الحدود، لكن كوهين خرق كل القواعد حين تحدث بصراحة عن العمليات في أعماق إيران، وكأنه يتحدث عن عملية للمظليين في حي القصبة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، رغم أن هناك قوانين تمنع موظفي الموساد الأصغر رتبة من التحدث عن العمليات التي شاركوا فيها، بانتظار موافقة الرقابة".
وأشار إلى أن "الموساد طالما امتنع عن التعليق على التقارير التي تحدثت عن عملياته، فكيف لو دار الحديث عن كشف تفاصيل عملية سرقة وثائق الأرشيف النووي الإيراني، رغم أنه من المهم التأكيد على أن نشر نقل الوثائق النووية إلى إسرائيل من قبل نتنياهو، هدف لتحقيق العديد من الأغراض المشروعة، أهمها وقبل كل شيء خلق رأي عام دولي يصعب على الأنظمة الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، توقيع اتفاقيات مع إيران".
ونقل عن "العديد من مسؤولي الموساد أن وصف كوهين لتفاصيل العملية جاء بغرض التفاخر الشخصي، بدليل أن فترته، حتى قبل تقاعده، اتسمت بمنشورات غير مسبوقة حول الموساد، ومنها الانفجارات الغامضة بمنشآت إيران النووية، مع أن نهج كوهين المنفتح معروفًا طوال حياته المهنية، جعل الآخرين يتوقعون منه هذه التسريبات منذ إنهاء منصبه رئيسا لمجلس الأمن القومي، وتعيينه نتنياهو رئيسا للموساد في 2016".
وأوضح أن "الكثيرين من موظفي الموساد توقعوا أن يكون كوهين رئيسا للجهاز بتسريبات إعلامية غير مسبوقة، وقد حدث ذلك بالفعل، واعتقدوا أن الدافع وراء ذلك إنما هو بناء سمعته قبل محاولة مستقبلية لتنصيبه رئيسا لليكود والحكومة، وليس بالضرورة لصالح الموساد، وهي اعتبارات خارجية، لا علاقة للجهاز بها، وخلافا للاعتقاد السائد، فلم يشجعه نتنياهو على التميز في الإعلام طوال فترة رئاسته، حتى لا يطغى عليه".
وتوقع الكاتب بأنه "في السنوات الخمس المقبلة، سيكون الموساد في العناوين الرئيسية للإعلام أقل بكثير مما كان عليه في عهد كوهين، أولا وقبل كل شيء، لأن رئيسه بارنيع يختلف كثيرا عن سلفه، ويبدو أكثر شيبا، ليس فقط في شعره، بل في رزانته، دون أن يعني بالضرورة أنه أقل جرأة من كوهين، وقد نكون أمام عمليات جريئة في إيران أقل بكثير مما كانت عليه في أيام كوهين ونتنياهو نفسه".
ولفت إلى أنه "كما هو معتاد في أجهزة الاستخبارات حول العالم، قد يستغرق التحضير لأي عملية في الجبهة الداخلية للعدو سنوات، حيث يتم زرع العملاء، وبناء قصص تغطية لا حصر لها، وعندما تكون البنية التحتية موجودة بالفعل، يقرر المستوى السياسي وقت تنفيذ العملية، وفي هذه الحالة يعتمد حجم العمليات على البنية التحتية القائمة، وليس على قرار رئيس وزراء أو رئيس الموساد أو أي أحد آخر".
اضف تعقيب