انطلقت في قاعة “الرضوان” في قرية كفر قرع، مساء امس الجمعة، فعاليات مهرجان ذكرى المولد النبوي الشريف، بحضور حاشد. دعا إلى المهرجان ونظّمه اتحاد مساجد وادي عارة.
استهل المهرجان بقراءة عطرة من القرآن الكريم، تلاها المقرئ المقدسي الشيخ زهير الصبّاح مؤذن المسجد الأقصى المبارك، وتولى إدارة وعرافة فقرات المهرجان، الشيخ الدكتور مهدي زحالقة، رئيس دعوة الإصلاح والتجديد في كّفر قرع، في حين شملت الفقرات على: كلمة ترحيبية ألقاها المحامي فراس بدحي- رئيس المجلس المحلي في كفر قرع، وكلمة للشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، وإمام مسجد “عمر ابن الخطاب” في قرية كّفر كنا، وكلمة للأستاذ الدكتور مشهور فواز، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني، وكلمة القدس للقاضي الشرعي الشيخ إياد العباسي، هذا إلى جانب فقرات فنية وابتهالات في حب الرسول عليه الصلاة والسلام، وتوزيع هدايا قيّمة بمناسبة الذكرى العطرة.
وافتتح الشيخ الدكتور مهدي زحالقة المهرجان مرحبا بالحضور الحاشد قائلا: اتحاد أئمة المساجد في منطقة وادي عارة يرحبون بكم أجمل ترحيب في بلدكم كفر قرع، كما ونهنئ أنفسنا وأهل بلدنا وأهل الداخل الفلسطيني الذين لبوا الدعوة وحضروا المهرجان حبّا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم سائلين الله تعالى أن يجعل جمعنا هذا جمعا مغفورا وتفرقنا تفرقا مرحوما.
وقدم زحالقة باسم الحضور الشكر والامتنان لدعوة الإصلاح والتجديد في كفر قرع على استضافة المهرجان وقال: اجتمعنا نصرة لدين الله وللرسول وللثوابت الإسلامية والوطنية في الوقت الذي خذل فيه البعض هه الثوابت وخذل كل أبناء شعبنا. من هنا نرفع تحياتنا للذين ظلوا ثابتين وعلى الحق ظاهرين، تحية إلى الشيخ رائد صلاح الثابت الذي فضل العيش في السجون لا في الكنيست وتحية لجميع الأسرى والأسيرات ولا سيما الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية.
لنكن دعاة خير وصلاح
وفي كلمة ترحيبية ألقها المحامي فراس بدحي- رئيس المجلس المحلي في كفر قرع، قال فيها: من كفرقرع إلى العالم الإسلامي في كل بقاع الأرض كل عام والايمان يملأ قلوبكم. لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم موحد الصفوف وجامع القلوب أقدس الناس وأعلاهم مرتبة بالحب وليس بالسيوف ولم يعرف العنف إليه سبيلا، نقف في رحاب المصطفى لنتعلم منه العبر والدروس والمواقف.
وأكمل: اليوم تدنس مقدساتنا الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك من ظلم الاحتلال الإسرائيلي ومن ظلم أنفسنا، نعلم علم اليقين أن عزوف البعض عن طريق هدي رسولنا الكريم أصبحت طريقهم ضلال، لذلك كل يوم صرنا نصبح على جريمة قتل من أولئك الذين تخلوا عن دينهم وارتضوا لأنفسهم التخلف والعنف طريقا.
وأضاف المحامي فراس بدحي: تقاعس الشرطة والحكومة الإسرائيلية المتعاقبة هي السبب بتفشي العنف والجريمة، كما أن بعض شبابنا للأسف بات مجندًا للجريمة والعنف ويعتاش عليهما ولا حرمة عندهم للدين ولا لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم، نقول لهم كفى اتقوا الله فينا وفي أنفسكم وما هو حاصل اليوم هو شرعنة للقتل وله مردود سيئ علينا وعلى أبنائنا، لنكن جميعا دعاة خير وصلاح ولنربي أبنائنا ولنرتقي في شبابنا ومجتمعنا ونُعرفهم على حب نبيهم وحب أبناء شعبهم وبأمتهم العظيمة التي ستكون طوق النجاة لكل همومنا ومصائبنا في يوم من الأيام.
النجاة بالثبات على مبادئ الرسول
وألقى الأستاذ الدكتور مشهور فواز، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني كلمة في المهرجان تطرق فيها إلى بعض الأحاديث النبوية التي تحدثت الفتن التي أصبحت واقعًا نعيشه في هذه الأيام وقال: أيها المجتمعون والمجتمعات على محبة النبي صلى الله علبيه وسلم سيد الخلق، أخبرنا نبينا عن الفتن والقتل وانقلاب الموازين وأدعياء يُلبسون على الناس دينهم فكان كما قلت يا رسول الله، إننا نرى ذلك واقعًا وصدقًا يا رسول الله.
وتابع: ظهر العالم السفلي والعالم التحتي وتكلمت السفهاء ورأينا الذين يُلبسون على الناس دينهم والذين يلوون أعناق النصوص ويتاجرون بالدين لمكاسب سياسية ولأغراض حزبية ضيقة صدق من قال فيك يا رسول الله (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
وأكد الشيخ فواز أن “ما نراه على أرض الواقع من فتن وأحداث جسام ينبغي أن تزيدنا تصديقا بالله ورسوله، ينبغي أن نقول صدقت يا رسول الله رغم مرارة الأحداث ورغم مرارة الآلام وصعوبتها إلا إننا من خلال هذه الأحداث نستوحي التسليم والتصديق بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم كحال الصحابة يوم الأحزاب يوم أن اجتمعت عليهم الأحزاب من كل حدب وصوب حتى ضاقت بهم الدنيا بما رحبت وصف الله ايمانهم في تلك الظروف والأجواء وما زادهم إلا أيمانا وتسليما، وفي المقابل قال الانهزاميون والمنافقون والذين في قلوبهم مرض (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا).
وقال إن المطلوب منا جميعا إذا أردنا النجاة من الواقع الذي نعيش فيه والأمن والأمان لحاضرنا ومستقبلنا المطلوب منا أن نتمسك بمبادئ وقيم وهدي وشريعة وتوجيهات هذا النبي العظيم. وما نراه من ابتلاءات وفتن إنما هو نتيجة تعطيل توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في حياتنا.
وأبرق الشيخ مشهور فواز رسالة إلى الذين يلعبون سياسة كما وصفهم وقال: أقول للذين يلعبون سياسة تحت غطاء المصلحة الشرعية وتحت غطاء الضرورات تبيح المحظورات وتحت غطاء درء المفاسد وتحت غطاء اختيار أخف الشريّن، نقول لهم ولمن يلعب سياسة تحت الغطاء الديني أو وراء الستار الديني: لا تلعب مع الله سبحان وتعالى النجاة ليست بالوعود الوهمية وليست بالتنازلات، النجاة بالثبات، أذكركم بحديث النبي عليه الصلاة والسلام أن الدجّال أخبر أنه معه جنة ومعه نار جنته نار وناره جنة يا من تلهثون وراء سراب الوعود الدجّالية تحت دعوى تحقيق المصالح الوطنية والمصالح الحزبية إنها هذه الوعود الدجّالية وإن كانت في ظاهرها جنة فهي النار الحقيقة، الجنة طريقها محفوف بالأشواك وبالابتلاء ومحفوف بالصبر.
نحن جنودا وحماة للقدس
ثم تحدث القاضي الشرعي الشيخ إياد العباسي من القدس وقال: يوم جعلتم في هذا الحفل كلمة للقدس وجعلتم لهم بصمة فهذا إن دل فإنه يدل على أن القدس في همّكم وفي عقولكم وفي سلم أولوياتكم وأنت تعيشون القدس حقا وحقيقة، ونقول لكم وباسم القدس وأهلها وعلمائها ومؤسساتها يا أهلنا في الداخل الفلسطيني نحن على العهد لا نقيل ولا نستقيل وسنبقى جندا أوفياء للقدس وللأقصى.
وأضاف: أن ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم كان ميلاد القدس آية وعقيدة وحديثا وما في بيت المقدس من موضع قدم إلا وسجد في ملاكا أو نبيا، وإذا كان للقدس جنودا يحمونها فهي بحاجة لأبناء يحيونها.
سنبقى الأوفياء للمسرى
وحيّا الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، وإمام مسجد “عمر ابن الخطاب” في قرية كّفر كنا، أهالي بلدة كفر قرع عموما على استضافة هذا المهرجان الحاشد وقال: نحن في رحاب ذكرى المولد النبوي كلنا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب باسمكم جميعا نكرر شكرنا لأهلنا في كفر قرع.
وتحدث عن قصيدة لمحمد إقبال، فيلسوف الإسلام وشاعره في الهند إلى الرسول صلى الله عليه وسلم التي نعى فيها على الزعماء والقادة الذين يتزعمون المسلمين. مما قال فيها لما سأله الرسول عن الهدية، قال: ” جئتُ بهدية، وهي زجاجة يتجلَّى فيها شرف أمتك، وهو دم شُهداء طرابلس”، وقال الشيخ خطيب: دم أمتك يا رسول الله المسفوح في غزة والقدس وفي رابعة العدوية وفي سوريا ودماء كثيرة سالت ليقول قائلنا كل عام في ذكرى المولد النبوي نقدم زجاجة شرف دم امته المسفوح، إنما نقدم اليوم للرسول ليس زجاجة الدم المسفوح، أنما نقدم قائمة فيها 2598 في العام 2020 من الداخل الفلسطيني كلهم سموا باسم محمد صلى الله عليه وسلم.
وتابع: من اليوم وصاعدا لن نظل أن نقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقدم لك زجاجة شرف دم أمتك المسفوح ولن نقدم لك إلا بشريات الخير والعزم على طريق محمد عليه الصلاة والسلام.
وتطرق الشيخ خطيب في كلمته إلى من يحجون اليوم من العرب إلى تل أبيب وليس إلى القدس، بل بات مسلمون وعرب يتآمرون على المسجد الأقصى وليس أن يشدوا الرحال إليه بل يطعنوه بالرماح والسهام.
وأكد الشيخ كمال خطيب أن لا حق في المسجد الأقصى إلا لاتباع محمد عليه الصلاة والسلام وهو العهد والميثاق للحفاظ على هوية المسجد الإسلامية في هذه الذكرى.
ولم ينس أن يتطرق الشيخ كمال إلى الواقع الذي نعيشه وتساءل: ماذا سيقول من يقتل مسلما ومن يأتي يوم القيامة وقد سفك دما حراما؟
وأكمل: هذا الظرف والمرحلة الصعبة الذي يعيشها شعبنا وباتت تتوج بمظاهر الحكم العسكري علينا عبر ادخال حرس الحدود والشاباك وبات القانون يسمح بمصادرة كل كاميرة واقتحام كل بيت ومن يوافقون ومن يرجون لدعوة الشاباك هؤلاء نحملهم أمام الله دم مسفوح لأنه ستسفك دماء كثيرة وسنسمع ونرى كثيرين أمثال الشهيد أحمد حجازي ومنير عنبتاوي وإياد الحلاق وخير الدين حمدان. ليس لأننا لا نطالب بالأمن والأمان، لكن من أشاع القتل والجريمة في مجتمعا أراد لنا أن نصل إلى شعور أن لا يكون في اهتمامنا إلى العنف والجريمة ولا نسأل عن القدس ولا عن المسجد الأقصى.
وختم الشيخ كمال خطيب كلمته في المهرجان الحاشد مؤكدا “لن نخذل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسراه ونقول للأمة لن نخذلكم في المسجد الأقصى وسنظل حراسا والسدنة الأوفياء، الأقصى لنا لوحدنا وليس لليهود فيه أي حق وليس لهم إلا الوهم ونحن قدر الله النافذ لأننا نملك قناعة بحقنا ونملك يقينا أن المسجد الأقصى المبارك حقنا لنا لوحدنا.
اضف تعقيب