تعمل السلطات الإسرائيلية، من خلال وحدة "حارس الأملاك" في وزارة القضاء، على دفع مخططات بناء استيطاني واسع في القدس المحتلة، وصفتها صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين، بأنها "أحياء ومناطق سكنية لليهود في القدس الشرقية".
ويجري التخطيط لإقامة مستوطنة جديدة في حي الشيخ جراح، وأخرى بالقرب من باب العامود، ومستوطنتين بالقرب من بيت صفافا ومستوطنتين أخريين في بيت حنينا وصور باهر، بحسب وثائق اطلعت عليها الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن إقامة قسم من هذه المستوطنات مقرون بتهجير عائلات فلسطينية من بيوتها، بادعاء أن هذه البيوت يديرها "حارس الأملاك" منذ عشرات السنين.
ويستولي "حارس الأملاك"، بحسب القانون الإسرائيلي، على قرابة 900 عقار غالبيتها العظمى بملكية فلسطينية في القدس الشرقية، بادعاء أن مالكيها غير معروفين. وسنت إسرائيل قانونا في العام 1970 يقضي بنقل عقارات كان يملكها يهود، قبل العام 1948، إلى "حارس الأملاك". وفي العام 2017، تم نقل ملف القدس الشرقية إلى الوحدة الاقتصادية لدى "حارس الأملاك"، ويديرها حنانئيل غورفينكل.
وأفادت الصحيفة بأن غورفينكل هو ناشط يميني، وكان قد أسس جمعية لتهويد القدس. ومنذ تعيينه، تعزز التعاون بين "حارس الأملاك" ومنظمات المستوطنين. وفي هذا الإطار، قدم "حارس الأملاك" دعاوى لطرد عائلات مقدسية من بيوتها وإسكان يهود مكانها، بالاستعانة بالمحامي أبراهام موشيه سيغال، الذي يمثل جمعيات استيطانية بينها "إلعاد" و"عطيرت كوهانيم".
وتنظر المحكمة العليا الإسرائيلية، غدا، في التماس قدمته جمعية "عير عميم" والجمعية من أجل رفاهية سكان الشيخ جراح ضد "حارس الأملاك"، ويطالب بكشف الإجراءات التي بموجبها تعنى وحدة "حارس الأملاك" بالعقارات التي استولت عليها في القدس الشرقية.
ويشمل الالتماس أمثلة عديدة على تنكيل "حارس الأملاك" بالسكان المقدسيين، وبضمن ذلك بيع شقق يسكنها المقدسيون منذ عشرات السنين إلى مستوطنين ومن دون إبلاغ سكانها، وانعدام الشفافية، وتجاهل حقوق السكان وما إلى ذلك. وتؤكد "عير عميم" على أن الإجراءات التي يتبعها "حارس الأملاك" تتجاهل الوضع الخاص للسكان في العقارات التي يديرها.
وتشمل هذه الإجراءات عشرات البنود، ولا تتطرق إلى إمكانية أن يقدم "حارس الأملاك" بنفسه خططا لبناء منطقة سكنية في أرض يديرها. إلا أن أحد البنود بتطرق إلى ذلك بصورة غير مباشرة، وينص على أنه "في الوقت الذي يبادر و/أو لدى تلقيه توجها بشأن تجديد المدينة أو تحسين التخطيط، يفحص حارس الأملاك جوهر التوجه وتأثيره على العقار المُدار".
ونقلت الصحيفة عن مهندسين ومخططين تأكيدهم على أنه لا توجد سابقة لتحول "حارس الأملاك" إلى مقاول بناء من أجل تحسين العقارات التي يؤتمن عليها. كما أنه يحظر على "حارس الأملاك" بيع عقار، ولذلك ليس واضحا إذا كانت الشقق التي سيتم بناؤها في مناطق مختلفة بالإمكان بيعها في السوق الحرة أو أنها ستبقى بملكية "حارس الأملاك" ويقوم بتأجيرها. وقالت الصحيفة إن وزارة القضاء لم تجب على سؤال بهذا الخصوص.
ويتبين من الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة أن "حارس الأملاك" يدرس إمكانية دفع مخططات استيطانية في خمس مناطق في القدس المحتلة، وأن غورفينكل التقى مع رئيس بلدية القدس، موشيه ليئون، قبل سنتين، وبحثا دفع هذه المخططات قدما.
ويتعلق المخطط الأول ببناء استيطاني في القسم الغربي في الشيخ جراح، المعروف بمنطقة أم هارون، التي تسكن فيها 45 عائلة فلسطينية، ويدير "حارس الأملاك" معظم العقارات فيها. وتعمل منظمات استيطانية بواسطة المحاكم، وبمساعدة "حارس الأملاك"، من أجل العائلات الفلسطينية من بيوتها. وتم حتى الآن طرد عائلتين فلسطينيتين، ومن المقرر طرد عائلة ثالثة، عائلة سالم وفيها 11 نفرا، في نهاية الشهر الحالي.
وتظهر وثيقة لـ"حارس الأملاك" أنه يدير 33 قسيمة من أصل 58 قسيمة في الحي، وأن خمس قسائم صادرتها "سلطة أراضي إسرائيل". وتسمح الخارطة الهيكلية البلدية بهدم المباني القديمة وبناء بنايات جديدة مكانها أو توسيعها بإضافة بناء يرتفع حتى أربعة طوابق.
ويعني هذا المخطط إقامة مستوطنة في قلب الشيخ جراح. وفي الفترة الأخيرة، أنهت دائرة مسجل الأراضي في وزارة القضاء تسجيل حي أم هارون باسم المستوطنين. تندمج هذه المستوطنة مع مخططات أخرى تدفعها منظمات المستوطنين في القسم الشرقي من الشيخ جراح، حيث تواجه 13 عائلة فلسطينية دعاوى في المحاكم تطالب بطردها من بيوتها لصالح جمعية "نحلات شمعون" الاستيطانية.
وفي بيت حنينا في شمال القدس المحتلة، يدرس "حارس الأملاك" إقامة مستوطنة تضم عشرات الوحدات السكنية في أرض مساحتها 6 دونمات بمحاذاة قاعدة للجيش الإسرائيلي. وتوجه "حارس الأملاك" إلى وزارة الأمن من أجل دفع هذا المخطط.
وفي بيت صفافا في جنوب القدس المحتلة، يخطط "حارس الأملاك" إقامة مستوطنة تشمل عشرات الوحدات السكنية بمحاذاة صور باهر. ويدير "حارس الأملاك" 3.3 دونم في هذه المنطقة، ويبحث عن دونمين آخرين لبناء المستوطنة.
ومخطط آخر وينطوي على حساسية بالغة هو إقامة مستوطنة في منطقة باب العامود، المدخل الرئيسي إلى البلدة القديمة. وتوجد خلف مركز تجاري فلسطيني في هذه المنطقة بؤرة استيطانية تسكنها عشر عائلات يهودية، استوطنت هناك بعد أن سلّم "حارس الأملاك" العقار إلى يهود، بزعم أنهم ورثة مالكيه قبل العام 1948، وهؤلاء "الورثة" باعوا العقار لجمعية استيطانية.
اضف تعقيب