تقرير وصوره - عربي 21 -
قال الكاتب الإسرائيلي نيري زيلبر، إن حزب رئيس الوزراء السابق نتنياهو سيعمل على استهداف "المحكمة العليا" في إسرائيل وسائر المؤسسات في البلاد التي سعت إلى محاسبته خلال فترة ولايته السابقة.
وأوضح بمقال نشره موقع معهد واشنطن أنه اليوم تخوض إسرائيل الدورة الخامسة من الانتخابات، المقرر إجراؤها في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر بعد حل الحكومة التي خلفت نتنياهو بشكل سريع في وقت سابق من هذا الصيف.
وأشار إلى أن إدلشتاين أحد أبرز منافسي نتنياهو داخل الليكود، قد ألغى بتواضع قراره بتحدي زعامة نتنياهو في أواخر حزيران/يونيو وألقى بدعمه وراء رئيس الوزراء الأسبق الذي يُعتبر مجدداً المرشح بالإجماع والوحيد لحزب "الليكود" واليمين الإسرائيلي لرئاسة الوزراء. ومع ذلك فإن الضرر الذي لحق بإدلشتاين قد حدث.
وأعاد أعضاء حزب "الليكود" البالغ عددهم ثمانين ألفاً الذين صوتوا في الانتخابات التمهيدية، قائمة مرشحين متشددين ويدعمون نتنياهو بخنوع.
وأشار إلى أن هناك هدفا رئيسيا أعلنه كافة أعضاء الليكود، وهو ليس إعادة بنيامين نتنياهو الملقب بـ"الملك بيبي" إلى مكانه الصحيح على رأس البلاد فحسب، بل إطلاق ثورة شاملة في النظام الإسرائيلي أيضاً.
فقد حصد الصديق المقرب لنتنياهو وأحد أشد مواليه السياسيين، ياريف ليفين، العدد الأكبر من الأصوات. وقد تعهد ليفين - الذي من المرجح أن يشغل منصب وزير العدل المقبل إذا فاز حزب "الليكود" في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر - بإحداث "تغيير جذري" في منصب المدعي العام (النائب العام) و"المحكمة العليا" في إسرائيل، لتجنب ما يسميه بـ "ثورة قضائية" ومحاولة "انقلاب" تنفذها السلطات القانونية ضد الحكومة والبرلمان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه معركة طويلة المدى يخوضها ليفين والعديد من مناصري المعسكر اليميني الذين يريدون التمتع بحرية التصرف من دون تدخل المحاكم والمستشارين القانونيين، وتشمل هذه: بناء مستوطنات في الضفة الغربية خلال العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، وفي قضايا ترتبط بالأقليات على غرار الترحيل القسري لمهاجرين أفارقة لأسباب اقتصادية أو الحقوق المدنية للفلسطينيين في أراضي عام 1948.
وقد ساهمت المشاكل القانونية التي يواجهها نتنياهو - الذي يُحاكم بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة - في زيادة الانتقادات اللاذعة التي طالت ما أسماه رئيس الوزراء السابق بمؤامرة "واسعة النطاق تشنها قوى الدولة اليسارية العميقة"، والتي تشمل وسائل الإعلام والشرطة والمدعين العامين.
وكان سياسيون آخرون بارزون في الحزب قد تعهدوا باستبدال المدعي العام إذا عادوا إلى السلطة، وهي خطوة وصفها وزير العدل الحالي بأنها "أعمال عصابات" محضة. كما طالب مسؤول بارز آخر في "الليكود" بتعليق محاكمة نتنياهو خلال الحملة الانتخابية.
ومؤخراً وعد دودي أمسالم الرابع في ترتيب قائمة "الليكود"، الذي يعتبره المعارضون "العضو الذي يتفوه بأقذر العبارات في عصابة بغيضة"، بأنه إذا فاز حزب "الليكود"، فسوف يمرر تشريعاً ضد "اليسار لن يتعافى منه لمدة 20 عاماً. ولكي نفرض سيطرتنا سنمحو عبارة عدالة. فهي لم تعد موجودة". وأضاف للتأكيد أن نتنياهو "مبعوث من الله. إنه أهم زعيم يهودي منذ 100 إلى 150 عاما".
وتمت مكافأة جميع السياسيين المذكورين أعلاه من قبل الأعضاء العاديين في "الليكود". فقد كتب كاتب عمود إسرائيلي عن الانتخابات التمهيدية للحزب، "اتضح أنه في أوساط الليكود، لا يكفي الامتناع عن معارضة نتنياهو. وحتى أن مجرد الصمت لن يكون مقبولاً. عليك أن تصرخ بصوت عال قدر المستطاع". ويبدو أن جميع الأعضاء تقريباً يرددون العبارات نفسها بصوت عال.
وبالطبع، تتمثل الخطوة الأولى في الفوز بالانتخابات. وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن "الليكود" لا يزال الحزب الأكبر بفارق كبير، حيث أن "كتلة" الأحزاب الموالية لنتنياهو "الليكود" والمجموعات الأرثوذكسية المتطرفة والصهيونية الدينية اليمينية المتطرفة توشك على ضمان أغلبية واضحة تضم 61 مقعداً في البرلمان. وخلال الانتخابات الأخيرة، في آذار/مارس 2021، خسرت الكتلة بفارق 70 ألف صوت فقط، من أصل أكثر من 4 ملايين صوت تم الإدلاء بها.
وأضاف: "كما قال لي أحد كبار المسؤولين في حزب "الليكود" مؤخراً، فإن الهدف الواضح هذه المرة هو "تشكيل حكومة يمينية متجانسة مع شركائنا الطبيعيين". ويشمل هؤلاء "الشركاء الطبيعيين" إيتمار بن غفير، وهو أحد أبزر تلاميذ الإيديولوجي الفاشي اليهودي العنصري مئير كاهانا، الذي اغتيل في نيويورك عام 1990. وقد مُنعت الحركة السياسية السابقة التي أسسها كاهانا في أواخر ثمانينات القرن الماضي، من التعاطي في الشأن السياسي بسبب تشهيرها بالعرب؛ لكن نتنياهو بذل جهده خلال السنوات الأخيرة لضمان دخول بن غفير إلى البرلمان".
وإذا فاز نتنياهو بالانتخابات (حيث خسر أربع مرات متتالية)، ستكون الخطوة التالية الوفاء بالوعود المذكورة أعلاه. وقد أوضح المحللون القانونيون أنه إذا نجح نتنياهو في تأمين أغلبية نيابية، فقد يوجه ضربة قاضية إلى صرح إسرائيل "الديمقراطي" وفق وصف الكاتب.
وسيكون التغيير الشامل لطريقة اختيار قضاة المحاكم وقضاة الصلح من الخطوات الأخرى التي لطالما دعا إليها الإصلاحيون الإيديولوجيون، مما يحولها إلى تعيينات سياسية بحتة (كما هو الحال في الولايات المتحدة)، في تناقض مع النظام التوافقي المختلط المعتمد في إسرائيل الذي يتخذ بموجبه القضاة ورجال القانون والسياسيون الذين هم في الخدمة الفعلية القرار معاً.
ومن الناحية النظرية، يمكن لأغلبية ساحقة موالية لنتنياهو في البرلمان تمرير تشريع يحمي بأثر رجعي رئيس الوزراء من أي إجراء قانوني حتى نهاية فترة ولايته، مما يطيح بالمحاكمة الجارية ضده.
ومن الخطوات الأخرى التي ترمي إلى تحقيق الهدف النهائي نفسه هي قيام الحكومة بإقالة المدعية العامة الحالية التي لم يتم تعيينها سوى في كانون الثاني/يناير لمدة 7 سنوات، واستبدالها بشخص متساهل بما يكفي "لتأجيل الإجراءات القضائية"، وفقاً لتعبير فوكس، في قضايا الفساد الموجهة ضد نتنياهو، مما يوقف عمل المحكمة فعلياً.
اضف تعقيب