وفي الحرب أجراسًا تقرع وترانيمًا تسمع... صنع السلام بطريق المساهمة لزرع البسمة والفرحة
جيهان حيدر حسن:
اليوم الاثنين في العام 2023 الخامس والعشرون من كانون الاول / ديسمبر تحديداً تاريخ 25 كانون الأول. والذي يصادف عيد الميلاد المجيد. كان قد مر على حرب 7 اوكتوبر سته شهور
على........ أعلن قداسة البابا فرنسيس بإلغاء الاحتفالات بهذه المناسبة العظيمة لدى أبناء الطائفة المسيحية والتي تحمل طابعاً دينيا يجمع بين جميع الاديان والطوائف على حدٍ سواء.
أفاد قداسة البابا باختصار الاحتفال بشكل رمزي، تضامناً، تكريماً واحتراماً لأطفال غزه الذين يلقون حتفهم في الحرب ووصفه اياهم "يسوع الصّغير اليوم" وإن الضربات الإسرائيلية هناك تؤدي إلى "حصد مروع" للمدنيين الأبرياء.موقف مشرف ويشهد له التاريخ.
لكن. وبعد مرور عاماً بأكمله على إعلان البابا بمنع الاحتفال وبالمقابل استمرار الحرب وما خلفه من دمار، قتل الأبرياء، أطفال، نساء، وكبار السن. حيث توسيع دائرة الحرب بين الطرفين. الامر الذي جعلني لإعادة النظر بقرار البابا بمنحى اخر.
بادئ ذي بدء، يجب النظر إلى كلا الجانبين، لأن الأطفال الإسرائيليين قُتلوا واختطفوا وتيتموا، ويجب النظر في الكارثة التي حلت بالأطفال في إسرائيل، وخاصة في النقب، ولأطفال غزة.. كما أن الحرب مستمرة منذ أكثر من عام، بل وامتدت إلى لبنان وإيران، لذا فإن إلغاء الاحتفالات العامة بطلب من البابا لم يثمر ولم يكن لصوته صدي بين اوساط السياسيين (صناع الحرب).
أعتقد أنه على الرغم من أن عيد الميلاد يأتي بمناسبة أحداث مهمة لدى الطائفة المسيحية، رمز للعطاء، المحبة والسلام.
إلا أنه ذا طابع وصيغه خاصه لدى الطفال، إلغاء الاحتفالات لا يضر بأحد سواهم، وهذا ما اثبت منذ عام على التوالي. السبيل لمساعدة الأطفال ليس بإلغاء الاحتفالات بل بتقديم التبرعات للأطفال من الجانبين وتنظيم الفعاليات في أماكن هادئة وآمنة للأطفال بعيدا عن الحرب. يمكن أن تكون هذه الأحداث أيضًا بمناسبة عيد الميلاد الذي يعد عطلة مهمة جدًا للأطفال.
في رأيي أن إلغاء الاحتفالات كما طلب البابا العام الماضي لا ينهي الحرب ولا يحسن مشاعر الأطفال، وبالتالي فإن طريقة التعبير عن التضامن ليست بإلغاء الاحتفالات التي تمنحهم فرحه العيد ومتعه اجواءه.
برأي. صنع السلام بطريق المساهمة لزرع البسمة والفرحة على وجوه الأطفال بشتى الطرق سواء بالتبرعات المادية، الملابس، الحلوى وغيرها...أعتقد أن إلغاء الاحتفالات بحدث ديني مميز ذو طابع خاص له مكانته، قرار الغاء الاحتفال فقط يلغي فرحه الاطفال ويظهر أن العالم يتعاطف معهم. وينقل لهم أن الوضع سيء ولا يؤدي إلا إلى تعزيز شعورهم باليأس والحزن والمعاناة.
فؤاد سليمان:
عقب اتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لا بد أن نتنفس الصعداء، أما أن نتجاهل آلام عائلات قتلى غزة والمخطوفين الإسرائيليين، فذلك موقف غير مقبول. أعتقد ألا يليق للمرء أن يكون حياديا لآلام غيرة، ولا شك أن آلام عائلات ضحايا القتل والمخطوفين من جميع الأماكن التي استهدفتها هذه الحرب الشرسة شديد جدا، فالموقف النقيض هو الصائب، ولذلك علينا ألا نصرخ صرخة الاحتفالات حاليا، الدينية أم لا الدينية. كما وعلينا أن نحاول أن نعالج جروحنا النفسية الناتجة عن الحرب، مما يلقب عاميا بال "تنطوز"، إلى تأثير الحرب على أحلامنا التي قد تشمل سيناريوهات حربية مليئة بالصواريخ والطائرات
إن ضمير الإنسان مهم، والإنسان يواجه ذاكرته ويستنتج الاستنتاجات ويحاسب نفسه، ففي حال احتفلنا احتفالا صاخبا بعيد الميلاد عقب هذه الحرب الدامية، فسنحاسب أنفسنا لاحقا على ذلك. حربا كهذه التي استغرقت أكثر من سنة بالجنوب، وبضع أشهر بالشمال، لا بد أن تجرج بنفوسنا وقلوبنا جروحا متعددة، منها اليأس والإحباط وزيادة الضغط، وأيضا البكاء الزائد تعاطفا مع الضحايا، لذلك علينا أن نفهم أن هذه الجروح ستستغرق فترة طويلة نسبيا حتى تشفى، فعلينا أن لا نبالغ في أنماط الفرح حاليا أيضا اعتبارا بصحتنا النفسية، أما بالنسبة لكرامتنا كمجتمع عربي داخل إسرائيل، فقد تمس سلبيا إن بالغنا في فرحنا بالعيد، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن الزمن طويل وأننا سننظر يوما ما الى الماضي ونجازي أنفسنا
أنا كمواطن مسيحي يهمني ما يعتقده الآخرون عني، كما وكان المسيح بنفسه يهتم بكيف يراه الآخرون، وأتساءل بيني وبين نفسي، كيف سيراني الغزي الذي قطعت يده وأنا فرحا بعيد الميلاد؟ كيف ستراني مخطوفة إسرائيلية مرعوبة ويائسة وأنا فرحا بعيد الميلاد؟ كيف سيراني جندي إسرائيلي مصابا مستلقيا في المستشفى وأنا فرحا بعيد الميلاد؟، فواضحا أن جميعهم سيروني بقالب سلبي، وذلك لأنني متجاهلا لمعاناتهم، لذلك أختار التعاطف مع معاناة الضحايا وتجنب الفرح المبالغ به في زمن عيد الميلاد القادم.
ها أنا أكتب موقفي هذا، أشرب شراب الليمون وآخذ رشفة من السيجارة بعد أن أنهيت مكالمة هاتفية مع صديقي إلياس شوفاني عن أهمية التحليل الاجتماعي من أجل بقائنا واقعيون كشعب، وأقول لنفسي "فؤاد، من الأفضل أن تأخذ زمنا الآن للشفاء والإشفاء، وليس للاحتفال"، فأنا أشجع موقف عدم المبالغة باحتفالاتنا الآن.
اضف تعقيب