
تم الاعلان يوم 13 اذار /مارس عن توحيد كتلتي الليكود برئاسة نتنياهو واليمين الرسمي بقيادة ساعر، وخوض انتخابات الكنيست التالية بقائمة مشتركة، ويشير مراقبون الى ان نتنياهو يسعى بذلك لضمان ان يكون الليكود الموسع، الكتلة الاكبر وبفارق كبير عمّن يليها في حال الانتخابات، وبذلك يضمن ان يكون الحزب الاول الذي يتوجه له رئيس الدولة وفقا للقانون للتشاور في تشكيل الحكومة القادمة خلال عام من الان. وعندها وفي حال حصلت الاحزاب الائتلافية الحالية على أكثر من 53 مقعدا من أصل 120، سيكون بمستطاع نتنياهو تشكيل كتلة تمنع قيام اية حكومة بديلة، اذ ان احزاب المعارضة من اليمين ويمين الوسط لا تستطيع عندها تشكيل غالبية بأكثر من ستين نائبا، دونما الاعتماد على حزب عربي، الامر الذي بات شأنا غير شرعي في نظر قادة المعارضة وحصريا، لبيد ولبرمان وبنيت.
– بالنسبة الى غدعون ساعر فإن توحيد الكتلتين هو مقدمة للاندماج في حزب الليكود، وفي حال نجح نتنياهو في تشكيل ائتلاف مستقبلي سيكون وزيرا رفيعا وكبير الأثر، وفي حال أخفق نتنياهو فإن وضعيته ستتيح له التنافس على قيادة الليكود، بوصفه نشأ في صفوفه ويعتبر من العقائديين فيه ولا يختلف عن عقيدة نتنياهو ذاته.
– نقطة القوة الجوهرية الاخرى لدى ساعر، هي انه قادر على التعاون مع رئيس الوزراء السابق نفتالي بنيت في حال حسم الاخير امره بخوض الانتخابات بحزب يميني مستقل، ضمن طموحه لترؤس الحكومة القادمة ونظرا لما تنبئ به الاستطلاعات المتتالية.
– توقفت وسائل الاعلام الاسرائيلية مؤخرا عند مساعي رئيس “المعسكر الرسمي” بيني غانتس لشرعنة احتمال تعاونه مع نتنياهو نحو اقامة حكومة وحدة قومية.
– في المقابل تناولت وسائل الاعلام ذاتها ما أطلقت عليه محادثات اولية بين الشخصية القيادية الثانية في “المعسكر الرسمي” غادي ايزنكوت ورئيس حزب “يش عتيد” رئيس المعارضة يائير لبيد للتداول في توحيد الحزبين في قائمة واحدة استعدادا للانتخابات القائمة. وفقا للاستطلاعات المتتالية فإن وقف التراجع في شعبية حزب “المعسكر الرسمي” ممكن في حال تم انتخاب ايزنكوت رئيسا بدلا من غانتس. فقد منحت الاستطلاعات هذا الحزب في بداية الحرب على غزة نحو اربعين مقعدا فيما تراجع حاليا الى نحو ستة عشر مقعدا. بينما تراجع حزب يش عتيد بقيادة لبيد لتمنحه الاستطلاعات الموقع الرابع او الخامس بعد الليكود والمعسكر الرسمي ويسرائيل بيتينو (ليبرمان) وفي حال خوض بينيت الانتخابات سيتراجع اكثر الى نحو عشرة مقاعد.
– تزداد شعبية حزب “يسرائيل بيتينو” (اسرائيل بيتنا) برئاسة افيغدور ليبرمان، لينافس على المكان الثاني او الثالث من بين اكبر الاحزاب، واذ بدأ هذا الحزب مسيرته بصفته حزبا هوياتيا لليهود الروس ومن دول الاتحاد السوفييتي سابقا، فإنه يتحول الى حزب يمين مركز وتتسع صفوف مؤيديه لتضم اوساط شعبية اسرائيلية من مختلف الشرائح الاجتماعية باستثناء المتدينين الحرديم، كون لبرمان كما لبيد يمثل التيار العلماني المناويء للحرديم.
– اللافت في الاصطفافات والتجاذبات الحزبية الحاصلة، هو غياب اي بديل سياسي فعلي لحكومة نتنياهو تطرحه احزاب المعارضة الصهيونية. باستثناء حزب “الديمقراطيون” برئاسة يائير غولان وهو نتاج دمج حزبي العمل وميرتس، او ما يصطلح عليه اسرائيليا “اليسار الصهيوني” والذي ينفرد في التطرق الى القضية الفلسطينية وضرورة الحل السياسي، فإن المعارضة لا تملك مشروعا سياسيا بديلا للمشروع الوحيد المتبلور في إطار اقصى اليمين وحصريا تيار الصهيونية الدينية.
– بينما تنشغل المعارضة بشكل او باخر في مسألة تجنيد المتدينين الحرديم للجيش وفي مسائل الحوكمة وفصل السلطات، رغم أهميتها، الا ان هذه الاحزاب تعكس اجماعا قوميا نحو رفض الحل مع الفلسطينيين باستثناء الحل العسكري ومن دون اي اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
– بدورها بدأت الاحزاب العربية تنشط في السعي الى طرح تصوراتها لكيفية خوض انتخابات الكنيست القادمة، اذ تتراوح المواقف والتصورات؛ ما بين خوض الانتخابات ضمن قائمة واحدة مشتركة تشكل اطارا انتخابيا لتجاوز نسبة الحسم وتحصيل اكبر عدد من المقاعد في الكنيست؛ وما بين خوضها في اطار كتلتين مع اتفاق “فائض اصوات” وعلى كيفية ادارة المعركة الانتخابية وضمان اوسع نسبة تصويت من الفلسطينيين العرب مواطني اسرائيل. بيد أن التحدي الاكبر الذي قد تواجهه هذه الاحزاب هو احتمالية الشطب من قبل لجنة الانتخابات المركزية وهي لجنة سياسية بامتياز، ليطال الشطب عدة قوائم، او حزب بعينه او مرشحين ضمن القائمة في حال كانت مشتركة.
– يزداد هذا التحدي امام العرب اشكالية أخرى تتعلق بالانقلاب القضائي الذي يحد من صلاحيات المحكمة العليا في وقف قرارات لجنة الانتخابات المركزية، ونتيجة للكمّ الكبير من القوانين العنصرية الإقصائية لمنع المشاركة السياسية للفلسطينيين العرب واحزابهم. تسارعت وتيرة سن هذه القوانين خلال الحرب على غزة، الى جانب الحملات الضخمة والمبرمجة لنزع شرعية المشاركة السياسية العربية ولنزع شرعية اي ائتلاف بديل لأقصى اليمين يستند الى تأييد أي من الاحزاب العربية.
– من المتوقع أيضا كما في انتخابات سابقة ان تدار حملات تأثير على الراي العام الفلسطيني العربي نحو عدم الاقتراع، وهي حملات تعتمد ادوات الذكاء الاصطناعي وهندسة الوعي والمزاج.
– سياسيا تدرك الاحزاب العربية ان اكثر ما يمكن توقعه لإسقاط حكومة نتنياهو هو حكومة يمين ويمين وسط كما حدث في حكومة بينيت لبيد 2021-2022. والتي لا تشكل بديلا سياسيا لحكومة نتنياهو واقصى اليمين وانما أقل تطرفا ودموية وتعتمد القوانين ومبدأ استقلالية الجهاز القضائي النسبية مرجعية لها وليس قوة الاغلبية.
الخلاصة:
** يبدو ان اندماج كتلة حزب اليمين الرسمي (ساعر) بكتلة الليكود البرلمانية بمثابة بداية استعداد لدى الليكود في اختيار موعد الانتخابات الافضل بالنسبة لها، كما تشير الى بدء المعركة الانتخابية فعليا.
** التقدير بان الخارطة الحزبية ستشهد اصطفافات جديدة، وقد تفرز لاعبين جدد، بما في ذلك، ان تنقسم الساحة السياسية الى عدة تكتلات وتجاوز حالة الكتلتين الصهيونيتين الحالية، وهو ما يقلق نتنياهو ويهدد بقاء حكمه.
** مع بدء الاصطفافات، وجس النبض نحو الانتخابات القادمة، فمن المتوقع ان يعمق نتنياهو مساعيه لتطويع اجندة الدولة بما يخدم احتمالية اعادة ترؤسه للحكومة بعد الانتخابات وهذا من شأنه ان ينعكس في صورة تصعيد في الضفة الغربية والامتناع عن انهاء الحرب في غزة اذا استطاع ذلك.
** محاولات تدوير الخارطة في الحزبية الإسرائيلية، تنبيء بأن المسعى لدى المعارضة وفي حال دخول بينيت المعترك الانتخابي سيكون شق الصف اليميني وتجاوز الثنائية القائمة والتي تميل لصالح الليكود واقصى اليمين.
** المساعي لمنع مشاركة الفلسطينيين العرب في اسرائيل في الانتخابات هي تعبير عن توجهات عميقة في السياسة الاسرائيلية نحو نزع شرعية بقاء هؤلاء الفلسطينيين بهدف منع تأثيرهم السياسي في وطنهم؛ وصولا الى إقصائهم سياسيا.
اضف تعقيب