أبو الياس وغول العنف المسعور!!!

أبو الياس

 وغول العنف المسعور!!!

أ.د. ابراهيم ابوجابر

عانت مدينة كفر قاسم - بلد الشهداء- في السنوات القليلة الماضية موجة عنف لم تشهدها منذ سنين,حصدت ارواح كوكبة من خيرة ابنائها ظلما وعدوانا, وبدون وجه حق.

غول العنف المذكور, غيّب عنا عددا من خيرة الشباب الذين شهد لبعضهم البعيد قبل القريب, بحسن الخلق والعشرة الطيبة, لا بل ولبعضهم بحب الوطن والتفاني في التضحية من أجله؛من هؤلاء المشار اليهم اعلاه: الاستاذ الفاضل عامر صرصور , والاستاذ عادل عيسى"ابو الياس", والطفل البريء انس صرصور, وغيرهم ممن قضوا في ظروف غامضة كلها تصب في خانة العنف المرفوض في قاموسنا.

أما "ابو الياس",عادل عيسى, فقد عزّ كما الاخرين كثيرا, وحرّك ضمائر كل القسماويين ألما وحسرة على رحيله المفاجيء من دار الدنيا الى دار الاخرة ,في ظروف غامضة للغاية ,عجزت الجميع عن حل لغز هذه الجريمة الى اليوم.

ولماذا "ابو الياس" قد يسأل سائل؟ نعم, لماذا "ابو الياس"؟ وللاجابة على هذا السؤال يكفي التعرّف على سيرة"ابو الياس " الذاتية او الشخصيّة؛ فقد كان ليس كسائر الناس وانما ضحّى بسنين طوال من عمره خلف القضبان ,وذاق مر العيش على ايدي السجّانين, وتجرّع الحسرة على ما حلّ بشعبنا الفلسطيني, وبكى دما على انتهاك الاعراض والقتل الجماعي , واهانة الكرامة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات الفلسطينيين في لبنان وغير لبنان.

 نعم ضحّى بقسط غير بسيط من حريّته وراحة باله , وحياته الاجتماعية ,نعم,ضاعت وانقضت فترة شبابه خلف القضبان ,في السجون الاسرائيلية, وما ادراك ما السجون الاسرائيلية لمن خبرها مثل "ابو الياس" و"احمد ابوجابر" وغيرهما من ابطال شعبنا واسراه في السجون!!

عادل عيسى"ابو الياس" هذا لم ينس اخوانه من الحركة الاسيرة ,فانبرى ينافح عنها ويعمل مع الاخرين لخدمة اسرى الحرية , والدفاع عن مصالحهم ورفع قضيتهم,حفظا  منه على العهد والقسم  الذي امن به  وتبناه كنهج وممارسة خدمة لوطنه!!

وعودا على غول العنف الاسود الذي غزا كفر قاسم وباقي البلدات العربية الفلسطينية في الداخل,والذي خطف ارواح اعزاء افاضل من بيننا ,فالامر جد خطير وينذر بالمزيد للاسف الشديد في ظل الظروف التي يمر بها المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني , والتي من اهمها:

أولا:حالة الضياع التي يمر بها الشباب العربي في الداخل الفلسطيني ,بخاصة على مستوى فقدان شرائح غير بسيطة منهم لهويته الدينية والوطنية, وما يعني ذلك لهم في مجتمع اسرائيلي- يهودي – علماني منحل اخلاقيا وسوكيا!!

ثانيا: تفلّت الشباب رويدا رويدا من ربقة الدين, وجنوحهم للعيش وفق ايقاع ما هو حاصل في المجتمع الاسرائيلي , وعملهم على تقليد الاخرين في كثير من سلوكياتهم وانماط حياتهم,بما فيه اللباس وقصات الشعر والعربدة وتعاطي الكحول, كل ذلك بتاثير مما يمكن ان يطلق عليه الغزو الثقافي الاسرائيلي والغربي!!

ثالثا: استشراء الفساد الاخلاقي والخلقي , وعزوف الشباب عن كثير من عادات مجتمعنا وتقاليده, اما بتاثير المادة "المال" ,واكتساب بعض مما يتسم به الشباب اليوم اكتسابا ,او من المجتمع اليهودي المنحل اصلا ,او من بعض شباب المجتمعات العربية المجاورة مثل مصر والاردن وحتى تركيا؛هذه الدول التي يكثر الشباب السفر اليها للسياحة والاستجمام!!

رابعا: سهولة الحصول على السلاح داخل الكيان الاسرائيلي من قبل الشباب العربي ,لوفرته في السوق السوداء حيث يباع من قبل عصابات وتجار سلاح يهود بحثا عن الربح السريع والسهل من قبلهم؛هذا الامر طبعا شجّع الشباب العربي على اقتنائه وبالتالي غدا ميسّرا للاستعمال في احداث او نزاعات وخصومات عائلية , مع التاكيد على علم السلطات بالامر!!

خامسا: تدني الاهتمام بموضوع التربية الاسرية والعائلية, وانخفاض معدلات اهتمام الاب والام أي الوالدين بتربية ابنائهم التربية الصحيحة , والانصراف الى اللهث وراء الماديات والاجتماعيات على حساب تربية الاطفال التربية السليمة والحقة ,فتركوهم يتربوا على ايدي التلفزيون والانترنت والمقاهي الخ؛ الامر الذي اوجد جيلا ان لم يكن اجيالا عاقين لابائهم وامهاتهم , لا بل ومواطنين غير صالحين في مجتمعاتهم القروية والبلدية والريفية!!

واخيرا... غيّب عنا هذا الغول الاسود رجالا احبّوا وطنهم واهلهم وشعبهم, وضحّوا من اجله بحرياتهم خلف القضبان, ومن هؤلاء الاستاذ عادل عيسى"ابو الياس" وغيره (رحمهم الله ),تاركين خلفهم ذكريات وتاريخا لن ينسى, ما دام هذا الشعب حيا وهذه الامة قائمة , وهذا الدين منصورا. رحم الله هؤلاء الابطال رحمة واسعة , و"سلام قولا من رب رحيم" صدق الله العظيم.